إلى نهايتهم وقوفاً أو جلوساً أو على غير هاتين الحالتين طولاً أو تحليقاً يقال منه : صف يصف والجمع صفوف. العضد العضو من الإنسان وغيره معروف وفيه لغتان، فتح العين وضم الضاد وإسكانها وفتحها وضم العين والضاد وإسكان الضاد، ويستعمل في العون والنصير. قال الزجاج : والإعضاد التقوّي وطلب المعونة يقال : اعتضدت بفلان استعنت به. الموبق المهلك يقال : وبق يوبق وبقاً ووبق يبق وبوقاً إذا هلك فهو وابق، وأوبقته ذنوبه أهلكته. أدحض الحق أرهقه قاله ثعلب، وأصله من إدحاض القدم وهو إزلاقها قال الشاعر :
وردت ويجىّ اليشكري حذارهوحاد كما حاد البعير عن الدّحض
وقال آخر :
أبا منذر رمت الوفاء وهبتهوحدت كما حاد البعير المدحض
والدحض الطين الذي يزهق فيه. الموئل قال الفراء : المنجي يقال والت نفس فلان نجت. وقال الأعشى :
وقد أخالس رب البيت غفلتهوقد يحاذر مني ثم ما يئل
أي : ما ينجو. وقال ابن قتيبة : الملجأ يقال : وأل فلان إلى كذا ألجأ، يئل وألاً وؤولاً.
﴿وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَواةِ الدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنزَلْنَـاهُ مِنَ السَّمَآءِ فَاخْتَلَطَ بِهِا نَبَاتُ الارْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَـاحُا وَكَانَ اللَّهُ﴾.
١٣٢
لما بين تعالى في المثل الأول حال الكافر والمؤمن وما آل إليه افتخر به الكافر من الهلاك، بيّن في هذا المثل حال ﴿قَالُوا لَن﴾ واضمحلاها ومصير ما فيها من النعيم والترفه إلى الهلاك و﴿كَمَآءٍ﴾ قدره ابن عطية خبر مبتدأ محذوف، أي هي أي ﴿إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَواةِ﴾. وقال الحوفي : الكاف متعلقة بمعنى المصدر أي ضرباً ﴿كَمَآءٍ أَنزَلْنَـاهُ﴾ وأقول إن ﴿كَمَآءٍ﴾ في موضع المفعول الثاني لقوله ﴿وَاضْرِبْ﴾ أي وصيِّر ﴿لَهُم مَّثَلَ الْحَيَواةِ الدُّنْيَا﴾ أي صفتها شبه ماء وتقدم الكلام على تفسير نظير هذه الجمل في قوله ﴿إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَواةِ الدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنزَلْنَـاهُ مِنَ السَّمَآءِ فَاخْتَلَطَ بِهِا نَبَاتُ الارْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالانْعَـامُ﴾ في يونس ﴿فَأَصْبَحَ﴾ أي صار ولا يراد تقييد الخبر بالصباح فهو كقوله :
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٣١
أصبحت لا أحمل السلاح ولاأملك رأس البعير إن نفرا
وقيل : هي دالة على التقييد بالصباح لأن الآفات السماوية أكثر ما تطرق ليلاً فهي كقوله ﴿فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ﴾. وقرأ ابن مسعود : تذريه من أذرى رباعياً. وقرأ زيد بن عليّ والحسن والنخعي والأعمش وطلحة وابن أبي ليلى وابن محيصن وخلف وابن عيسى وابن جرير : الريح على الإفراد. والجمهور ﴿تَذْرُوهُ الرِّيَـاحُ﴾. ولما ذكر تعالى قدرته الباهرة في صيرورة ما كان في غاية النضرة والبهجة إلى حالة التفتت والتلاشي إلى أن فرقته الرياح ولعبت به ذاهبة وجائية، أخبر تعالى عن اقتداره على كل شيء من الإنشاء والإفناء وغيرهما مما تتعلق به قدرته تعالى.
ولما حقر تعالى حال الدنيا بما ضربه من ذلك المثل ذكر أن ما افتخر به عيينه وأضرا به من المال والبنين إنما ذلك ﴿زِينَةُ﴾ هذه ﴿قَالُوا لَن﴾ المحقرة، وإن مصير ذلك إنما هو إلى النفاد، فينبغي أن لا يكترث به، وأخبر تعالى بزينة المال والبنين على تقدير حذف مضاف أي مقر ﴿زِينَةُ﴾ أو وضع المال والبنين منزلة المعنى والكثرة، فأخبر عن ذلك بقوله ﴿زِينَةُ﴾ ولما ذكر مآل ما في الحياة الدنيا إلى الفناء اندرج فيه هذا الجزئي من كون المال والبنين زينة، وأنتج. أن زينة الحياة الدنيا فإن إذ ذاك فرد من أفراد ما في الحياة الدنيا، وترتيب هذا الإنتاج أن يقال ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَواةِ الدُّنْيَا ﴾ وكل ما كان ﴿زِينَةُ الْحَيَواةِ الدُّنْيَا ﴾ فهو سريع الإنقضاء فالمال والبنون سريع الإنقضاء، ومن بديهة العقل أن ما كان كذلك يقبح بالعاقل أن يفتخر به أو يفرح بسببه، وهذا برهان على فساد قول أولئك المشركين الذين افتخروا على فقراء المؤمنين بكثرة الأموال والأولاد.
﴿وَالْبَـاقِيَـاتُ الصَّـالِحَـاتُ﴾ قال الجمهور هي الكلمات المأثور فضلها سبحانه الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم. وقال ابن عباس وابن جبير وأبو ميسرة عمرو بن شرحبيل هي الصلوات الخمس. وعن ابن عباس أنه كل عمل صالح من قول أو فعل يبقى للآخرة، ورجحه الطبري وقول الجمهور مروي عن الرسول صلى الله عليه وسلّم من طريق أبي هريرة وغيره. وعن قتادة : كل ما أريد به وجه الله. وعن الحسن وابن عطاء : أنا النيات الصالحة فإنّ بها تتقبل الأعمال وترفع، ومعنى ﴿خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا﴾ أنها دائمة باقية وخيرات الدنيا منقرضة فانية، والدائم الباقي خير من المنقرض المنقضي. ﴿وَخَيْرٌ أَمَلا﴾ أي وخير رجاء لأن صاحبها يأمل في الدنيا ثواب الله ونصيبه في الآخرة دون ذي المال والبنين العاري من الباقيات الصالحات فإنه لا يرجو ثواباً.


الصفحة التالية
Icon