قال ابن عطية : وأجمع العلماء على أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام معصومون من الكبائر ومن الصغائر التي هي رذائل، واختلف فيما عداها، فعسى أن يشير الحسن وابن جريج إلى ما عدا ذلك. انتهى. وقال الزمخشري : وإلا بمعنى لكن، لأنه لما أطلق نفي الخوف عن المرسل كان ذلك مظنة لطرو الشبهة فاستدرك ذلك، والمعنى : ولكن من ظلم منهم، أي فرطت منهم صغيرة مما لا يجوز على الأنبياء، كالذي فرط من آدم ويونس وداود وسليمان وإخوة يوسف، ومن موسى، بوكزة القبطي. ويوشك أن يقصد بهذا التعريض ما وجد من موسى، وهو من التعريضات التي يلطف مأخذها، وسماه ظلماً ؛ كما قال موسى :﴿رَبِّ إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى فَاغْفِرْ لِى﴾. انتهى. وقرأ أبو جعفر، وزيد بن أسلم : ألا من ظلم، بفتح الهمزة وتخفيف اللام، حرف استفتاح. ومن : شرطية. والحسن : حسن التوبة، والسوء : الظلم الذي ارتكبه. وقرأ الجمهور : حسناً، بضم الحاء وإسكان السين منوناً. وقرأ محمد بن عيسى الأصبهاني : كذلك، إلا أنه لم ينون، جعله فعلى، فامتنع الصرف ؛ وابن مقسم : بضم الحاء والسين منوناً. ومجاهد، وأبو حيوة، وابن أبي ليلى، والأعمش، وأبو عمرو في رواية الجعفي، وأبو زيد، وعصمة، وعبد الوارث، وهارون، وعياش : بفتحهما منوناً.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٥٠
﴿وَأَدْخِلْ﴾ : أمر بما يترتب عليه من ظهور المعجز العظيم، لما أظهر له معجزاً في غيره، وهو العصا، أظهر له معجزاً في نفسه، وهو تلألؤ يده كأنها قطعة
٥٧
نور، إذا فعل ما أمر به. وجواب الأمر الظاهر أنه تخرج، لأن خروجها مترتب على إدخالها. وقيل : في الكلام حذف تقديره : وأدخل يدك في جيبك تدخل، وأخرجها تخرج، فحذف من الأول ما أثبت مقابله في الثاني، ومن الثاني ما أثبت مقابله في الأول. قال قتادة :﴿فِى جَيْبِكَ﴾ : قميصك، كانت له مدرعة من صوف لا كمين لها. وقال ابن عباس، ومجاهد : كان كمها إلى بعض يده. وقال السدي : في جيبك : أي تحت إبطك. والظاهر أن قوله :﴿وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِى جَيْبِكَ تَخْرُجْ﴾ متعلق بمحذوف تقديره : اذهب بهاتين الآيتين :﴿وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِى جَيْبِكَ تَخْرُجْ﴾، ويدل عليه قوله بعد :﴿فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ ءَايَـاتُنَا مُبْصِرَةً﴾، وهذا الحذف مثل قوله :
أتوا ناري فقلت منون أنتمفقالوا الجن قلت عموا ظلاماً
وقلت إلى الطعام فقال منهمفريق يحسد الإنس الطعاما
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٥٠