وآباؤنا : معطوف على اسم كان، وحسن ذلك الفصل بخبر كان. والإخراج هنا من القبور أحياء، مردوداً أرواحهم إلى الأجساد، والجمع بين الاستفهام في إذا وفي إنا إنكار على إنكار، ومبالغة في كون ذلك لا يكون، والضمير في إننا لهم وآبائهم، لأن صيرورتهم تراباً، شامل للجميع. ثم ذكروا أنهم وعدوا ذلك هم وآباؤهم، فلم يقع شيء من هذا الموعود، ثم جزموا وحصروا أن ذلك من أكاذيب من تقدم. وجاء هنا تقديم الموعود به، وهو هذا، وتأخر في آية أخرى على حسب ما سيق الكلام لأجله. فحيث تأكد الإخبار عنهم بإنكار البعث والآخرة، عمدوا إليها بالتقديم على سبيل الاعتناء، وحيث لم يكن ذلك، عمدوا إلى إنكار إيجاد المبعوث، فقدموه وأخروا الموعود به، ثم أمر نبيه أن يأمرهم بالسير في الأرض ؛ وتقدم الكلام في نظير هذه الآية في أوائل الأنعام. وأراد بالمجرمين : الكافرين، ثم سلي نبيه فقال :﴿أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ﴾ : أي في كونهم لم يسلموا ولم يذعنوا إلى ما جئت به، ﴿وَلا تَكُن فِى ضَيْقٍ﴾ : أي في حرج وأمر شاق عليك مما يمكرون}، فإن مكرهم لاحق بهم، لا بك، والله يعصمك منهم. وتقدّمت قراءة ضيق،
٩٤
بكسر الضاد وفيتحها، وهما مصدران. وكره أبو علي أن يكون المفتوح الضاد، أصله ضيق، بتشديد الياء فخفف، كلين في لين، لأن ذلك يقتضي حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه، وليست من الصفات التي تقوم مقام الموصوف باطراد. وأجاز ذلك الزمخشري، قال : ويجوز أن يراد في أمر ضيق من مكرهم.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٨٠
ولما استعجلت قريش بأمر الساعة، أو بالعذاب الموعود به هم، وسألوا عن وقت الموعود به على سبيل الاستهزاء، قيل له : قل عسى أن يكون ردفكم بعضه : أي تبعكم عن قرب وصار كالرديف التابع لكم بعض ما استعجلتم به، وهو كان عذاب يوم بدر. وقيل : عذاب القبر. وقرأ الجمهور : ردف، بكسر الدال. وقرأ ابن هرمز : بفتحها، وهما لغتان، وأصله التعدي بمعنى تبع ولحق، فاحتمل أن يكون مضمناً معنى اللازم، ولذلك فسره ابن عباس وغيره بأزف وقرب لما كان يجيء بعد الشيء قريباً منه ضمن معناه، أو مزيداً اللام في مفعوله لتأكيد وصول الفعل إليه، كما زيدت الباء في : ، فإن مكرهم لاحق بهم، لا بك، والله يعصمك منهم. وتقدّمت قراءة ضيق، بكسر الضاد وفيتحها، وهما مصدران. وكره أبو علي أن يكون المفتوح الضاد، أصله ضيق، بتشديد الياء فخفف، كلين في لين، لأن ذلك يقتضي حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه، وليست من الصفات التي تقوم مقام الموصوف باطراد. وأجاز ذلك الزمخشري، قال : ويجوز أن يراد في أمر ضيق من مكرهم.
ولما استعجلت قريش بأمر الساعة، أو بالعذاب الموعود به هم، وسألوا عن وقت الموعود به على سبيل الاستهزاء، قيل له : قل عسى أن يكون ردفكم بعضه : أي تبعكم عن قرب وصار كالرديف التابع لكم بعض ما استعجلتم به، وهو كان عذاب يوم بدر. وقيل : عذاب القبر. وقرأ الجمهور : ردف، بكسر الدال. وقرأ ابن هرمز : بفتحها، وهما لغتان، وأصله التعدي بمعنى تبع ولحق، فاحتمل أن يكون مضمناً معنى اللازم، ولذلك فسره ابن عباس وغيره بأزف وقرب لما كان يجيء بعد الشيء قريباً منه ضمن معناه، أو مزيداً اللام في مفعوله لتأكيد وصول الفعل إليه، كما زيدت الباء في :﴿وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ﴾، قاله الزمخشري، وقد عدى بمن على سبيل التضمين لما يتعدى بها، وقال الشاعر :
فلما ردّفنا من عمير وصحبهتولوا سراعاً والمنية تعنق
أي دنوا من عمير. وقيل : ردفه وردف له، لغتان. وقيل : الفعل محمول على المصدر، أي الرادفة لكم. وبعض على تقدير ردافة بعض ما تستعجلون، وهذا فيه تكلف ينزه القرآن عنه. وقيل : اللام في لكم داخلة على المفعول من أجله، والمفعول به محذوف تقديره : ردف الخلق لأجلكم، وهذا ضعيف. وقيل : الفاعل بردف ضمير يعود على الوعد، ثم قال : لكم بعض ما تستعجلون على المبتدأ والخبر، وهذا فيه تفكيك للكلام، وخروج عن الظاهر لغير حاجة تدعو إلى ذلك. ﴿لَذُو فَضْلٍ﴾ : أي إفضال عليهم بترك معاجلتهم بالعقوبة على معاصينهم وكفرهم، ومتعلق يشكرون محذوف، أي لا يشكرون نعمه عندهم، أو لا يشكرون بمعنى : لا يعرفون حق النعمة، عبر عن انتفاء معرفتهم بالنعمة، بانتفاء ما يترتب على معرفتها، وهو الشكر.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٨٠


الصفحة التالية
Icon