وقال الكسائي وغيره : أكدى الحافر، إذا بلغ كدية أو جبلاً ولا يمكنه أن يحفر، وحفر فأكدى : إذا وصل إلى الصلب، ويقال : كديت أصابعه إذا كلت من الحفر، وكدا البيت : قلّ ريعه. وقال أبو زيد : أكدى الرجل : قلّ خيره. أقنى، قال الجوهري : قنى يقنى قنى، كغنى يغنى غنى، ويتعدّى بتغيير الحركة، فتقول : قنيت المال : أي كسبته، نحو شترت عين الرجل وشترها الله، ثم تعدى بعد ذلك بالهمزة أو التضعيف، فتقول : أقناه الله مالاً، وقناه الله مالاً، وقال الشاعر :
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٥٣
كم من غني أصاب الدهر ثروتهومن فقير تقنى بعد الإقلال
أي : تقنى المال، ويقال : أقناه الله مالاً، وأرضاه من القنية. قال أبو زيد : تقول العرب لمن أعطى مائة من المعز : أعطى القنى، ومن أعطى مائة من الضأن : أعطى الغنى، ومن أعطى مائة من الإبل : أعطى المنى. الشعرى : هو الكوكب المضيء الذي يطلع بعد الجوزاء، وطلوعه في شدة الحر، ويقال له : مرزم الجوزاء، وهما الشعريان : العبور التي في الجوزاء، والشعرى الغميصاء التي في الذراع، وتزعم العرب أنهما أختا سهيل. قال الزمخشري : وتسمى كلب الجبار، وهما شعريان : الغميصاء والعبور، ومن كذب العرب أن سهيلاً والشعرى كانا زوجين فانحدر سهيل وصار يمانياً، فاتبعته الشعرى العبور، فعبرت المجرة، فسميت العبور، وأقامت الغميصاء لأنها أخفى من الأخرى. أزف : قرب، قال كعب بن زهير :
بان الشباب وهذا الشيب قد أزفاولا أرى لشباب بائن خلفا
وقال النابغة الذبياني :
أزف الترحل غير أن ركابنالما تزل برحالنا وكأن قد
ويروى : أفد الترحل. سمد : لهى ولعب، قال الشاعر :
ألا أيها الإنسان إنك سامدكأنك لا تفنى ولا أنت هالك
وقال آخر :
قيل قم فانظر إليهمثم دع عنك السمودا
وقال أبو عبيدة : السمود : الغناء بلغة حمير، يقولون : يا جارية اسمدي لنا : أي غني لنا.
﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلا وَحْىٌ يُوحَى * عَلَّمَه شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالافُقِ الاعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِا مَآ أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَـارُونَه عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَءَاهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى * عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ﴾.
هذه السورة مكية. ومناسبتها لآخر ما قبلها ظاهرة، لأنه قال :﴿أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُا﴾ : أي اختلق القرآن، ونسبوه إلى الشعر وقالوا : هو كاهن ومجنون ؛ فأقسم تعالى أنه صلى الله عليه وسلّم ما ضل، وأن ما يأتي به هو وحي من الله، وهي أول سورة أعلن رسول الله صلى الله عليه وسلّم بها في الحرم، والمشركون يستمعون، فيها سجد، وسجد معه المؤمنون والمشركون والجن والإنس غير أبي لهب، فإنه رفع حفنة من تراب إلى جبهته وقال : يكفي هذا. وسبب نزولها قول المشركين : إن محمداً صلى الله عليه وسلّم يختلق القرآن. وأقسم تعالى بالنجم، فقال ابن عباس ومجاهد والفراء والقاضي منذر بن سعيد : هو الجملة من القرآن إذا نزلت، وقد نزل منجماً في عشرين سنة. وقال الحسن ومعمر بن المثنى : هو هنا اسم جنس، والمراد النجوم إذا هوت : أي غربت، قال الشاعر :
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٥٣
فباتت تعد النجم في مستجرهسريع بأيدي الآكلين حمودها
أي : تعد النجوم. وقال الحسن وأبو حمزة الثمالي : النجوم إذا انتثرت في القيامة. وقال ابن عباس أيضاً : هو انقض في أثر الشياطين، وهذا تساعده اللغة. وقال الأخفش : والنجم إذا طلع، وهويه : سقوطه على الأرض. وقال ابن جبير الصادق : هو النبي صلى الله عليه وسلّم، وهويه : نزوله ليلة المعراج. وقيل : النجم معين. فقال مجاهد وسفيان : هو الثريا، وهويها : سقوطها مع الفجر، وهو علم عليها بالغلبة، ولا تقول العرب النجم مطلقاً إلا للثريا، ومنه قول العرب :
طلع النجم عشاءفابتغى الراعي كساء
طلع النجم غديهفابتغي الراعي كسيه
وقيل : الشعرى، وإليها الإشارة بقوله :﴿وَأَنَّه هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى ﴾، والكهان والمنجمون يتكلمون على المغيبات عند طلوعها. وقيل : الزهرة، وكانت تعبد. وقيل :﴿وَالنَّجْمِ﴾ : هم الصحابة. وقيل : العلماء مفرد أريد به الجمع، وهو في اللغة خرق الهوى ومقصده السفل، إذ مصيره إليه، وإن لم يقصد إليه. وقال الشاعر :
هوى الدلو اسلمها الرشا