﴿لَمْ يَطْمِثْهُنَّ﴾، قال ابن عباس : لم يفتضهن قبل أزواجهن. وقيل : لم يطأهن على أي وجه. كان الوطء من افتضاض أو غيره، وهو قول عكرمة. والضمير في ﴿قَبْلَهُمْ﴾ عائد على من عاد عليه الضمير في ﴿مُتَّكِـاِينَ﴾. وقرأ الجمهور : بكسر ميم يطمثهن في الموضعين ؛ وطلحة وعيسى وأصحاب عبد الله وعليّ : بالضم. وقرأ ناس : بضم الأول وكسر الثاني، وناس بالعكس، وناس بالتخيير، والجحدري : بفتح الميم فيهما، ونفي وطئهن عن الإنس ظاهر وأما عن الجن، فقال مجاهد والحسن : قد تجامع نساء البشر مع أزواجهن، إذ لم يذكر الزوج الله تعالى، فنفى هنا جميع المجامعين. وقال ضمرة بن حبيب : الجن في الجنة لهم قاصرات الطرف من الجن نوعهم، فنفي الافتضاض عن البشريات والجنيات. قال قتادة :﴿كَأَنَّهُنَّ﴾ على صفاء الياقوت وحمرة المرجان، لو أدخلت في الياقوت سلكاً، ثم نظرت إليه، لرأيته من ورائه. انتهى. وفي الترمذي : أن المرأة من نساء الجنة ليرى بياض ساقها من وراء سبعين حلة مخها. وقال ابن عطية : الياقوت والمرجان من الأشياء التى يرتاح بحسنها، فشبه بهما فيما يحسن التشبيه به، فالياقوت في إملاسه وشفوفه، والمرجان في إملاسه وجمال منظره، وبهذا النحو من النظر سمت العرب النساء بذلك، كدرة بنت أبي لهب، ومرجانة أم سعيد. انتهى.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٨٤
﴿هَلْ جَزَآءُ الاحْسَـانِ﴾ في العمل، ﴿إِلا الاحْسَـانُ﴾ في الثواب ؟ وقيل : هل جزاء التوحيد إلا الجنة ؟ وقرأ ابن أبي إسحاق : إلا الحسان يعني : بالحسان الحور العين. ﴿وَمِن دُونِهِمَا﴾ : أي من دون تينك الجنتين في المنزلة والقدر، ﴿جَنَّتَانِ﴾ لأصحاب اليمين، والأوليان هما للسابقين، قاله ابن زيد والأكثرون. وقال الحسن : الأوليان للسابقين، والأخريان للتابعين. وقال ابن عباس :﴿وَمِن دُونِهِمَا﴾ في القرب للمنعمين، والمؤخرتا الذكر أفضل من الأوليين. يدل على ذلك أنه وصف عيني هاتين بالنضخ، وتينك بالجري فقط ؛ وهاتين بالدهمة من شدة النعمة، وتينك بالأفنان، وكل جنة ذات أفنان. ورجح الزمخشري هذا القول فقال : للمقربين جنتان من دونهم من أصحاب اليمين ادهامتا من شدة الخضرة، ورجح غيره القول الأول بذكر جري العينين والنضخ دون الجري، وبقوله فيهما :﴿مِن كُلِّ فَـاكِهَةٍ﴾، وفي المتأخرتين :﴿فِيهِمَا فَـاكِهَةٌ﴾، وبالاتكاء على ما بطائنه من ديباج وهو الفرش، وفي المتأخرتين الاتكاء على الرفرف، وهو كسر الخباء، والفرش المعدة للاتكاء أفضل، والعبقري : الوشي، والديباج أعلى منه، والمشبه بالياقوت والمرجان أفضل في الوصف من خيرات حسان، والظاهر النضخ بالماء، وقال ابن جبير : بالمسك والعنبر والكافور في دور أهل الجنة، كما ينضخ رش المطر. وعنه أيضاً بأنواع الفواكه والماء. ﴿وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ﴾ عطف فاكهة، فاقتضى العطف أن لا يندرجا في الفاكهة، قاله بعضهم. وقال يونس بن حبيب وغيره : كررهما وهما من أفضل الفاكهة تشريفاً لهما وإشارة بهما، كما قال تعالى :﴿وَمَلـا ـاِكَتِهِا وَرُسُلِهِا وَجِبْرِيلَ وَمِيكَـالَ﴾. وقيل : لأن النخل ثمره فاكهة وطعام، والرمان فاكهة ودواء، فلم يخلصا للتفكه.
﴿فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ﴾، جمع خيرة : وصف بني على فعلة من الخير، كما بنوا من الشر فقالوا : شرة. وقيل : مخفف من خيرة، وبه قرأ بكر بن حبيب وأبو عثمان النهدي وابن مقسم، أي بشدّ الياء. وروي عن أبي عمرو بفتح الياء، كإنه جمع خايرة، جمع على فعلة، وفسر الرسول صلى الله عليه وسلّم
١٩٨
لأم سلمة ذلك فقال :"خيرات الأخلاق حسان الوجوه". ﴿حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ﴾ : أي قصرن في أماكنهن، والنساء تمدح بذلك، إذ ملازمتهن البيوت تدل على صيانتهن، كما قال قيس بن الأسلت :
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٨٤
وتكسل عن جاراتها فيزرنهاوتغفل عن أبياتهن فتعذر


الصفحة التالية
Icon