وقرأ الجمهور :﴿عَلَى سُرُرٍ﴾ بضم الراء ؛ وزيد ابن علي وأبو السمال : بفتحها، وهي لغة لبعض بني تميم وكلب، يفتحون عين فعل جمع فعيل المضعف، نحو سرير، وتقدم ذلك في والصافات. ﴿مَّوْضُونَةٍ﴾، قال ابن عباس : مرمولة بالذهب. وقال عكرمة : مشبكة بالدر والياقوت. ﴿مُّتَّكِـاِينَ عَلَيْهَا﴾ : أي على السرر، ومتكئين : حال من الضمير المستكن في ﴿عَلَى سُرُرٍ﴾، ﴿مُتَقَـابِلِينَ﴾ : ينظر بعضهم إلى بعض، وصفوا بحسن العشرة وتهذيب الأخلاق وصفاء بطائنهم من غل إخواناً. ﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ﴾ : وصفوا بالخلد، وإن كان من في الجنة مخلداً، ليدل على أنهم يبقون دائماً في سن الولدان، لا يكبرون ولا يتحولون عن شكل الوصافة. وقال مجاهد : لا يموتون. وقال الفراء : مقرطون بالخلدات، وهي ضروب من الأقراط. ﴿وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ﴾، قال : من خمر سائلة جارية معينة. ﴿لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا﴾، قال الأكثرون : لا يلحق رؤوسهم الصداع الذي يلحق من خمر الدنيا. وقرأت على أستاذنا العلامة أبي جعفر بن الزبير، رحمه الله تعالى، قول علقمة في صفة الخمر :
تشفي الصداع ولا يؤذيك صالبهاولا يخالطها في الرأس تدويم
فقال : هذه صفة أهل الجنة. وقيل : لا يفرقون عنها بمعنى : لا تقطع عنهم لذتهم بسبب من الأسباب، كما تفرق أهل خمر الدنيا بأنواع من التفريق، كما جاء : فتصدع السحاب عن المدينة : أي فتفرق. وقرأ مجاهد : لا يصدعون، بفتح الياء وشد الصاد، أصله يتصدعون، أدغم التاء في الصاد : أي لا يتفرقون، كقوله :
٢٠٥
﴿يَوْمَـاِذٍ يَصَّدَّعُونَ﴾. والجمهور ؛ بضم الياء وخفة الصاد ؛ والجمهور : بجر ﴿وَفَـاكِهَةٍ﴾ ؛ ولحم وزيد بن علي : برفعهما، أي ولهم ؛ والجمهور :﴿وَلا يُنزِفُونَ﴾ مبنياً للمفعول. قال مجاهد وقتادة وجبير والضحاك : لا تذهب عقولهم سكراً ؛ وابن أبي إسحاق : بفتح الياء وكسر الزاي، نزف البئر : استفرغ ماءها، فالمعنى : لا تفرغ خمرهم. وابن أبي إسحاق أيضاً وعبد الله والسلمي والجحدري والأعمش وطلحة وعيسى : بضم الياء وكسر الزاي : أي لا يفنى لهم شراب، ﴿مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ﴾ : يأخذون خيره وأفضله، ﴿مِّمَّا يَشْتَهُونَ﴾ : أي يتمنون.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٠٠
وقرأ الجمهور :﴿وَحُورٌ عِينٌ﴾ برفعهما ؛ وخرج عليّ على أن يكون معطوفاً على ﴿وِلْدَانٌ﴾، أو على الضمير المستكن في ﴿مُّتَّكِـاِينَ﴾، أو على مبتدأ محذوف هو وخبره تقديره : لهم هذا كله، ﴿وَحُورٌ عِينٌ﴾، أو على حذف خبر فقط : أي ولهم حور، أو فيهما حور. وقرأ السلمي والحسن وعمرو بن عبيد وأبو جعفر وشيبة والأعمش وطلحة والمفضل وأبان وعصمة والكسائي : بجرهما ؛ والنخعي : وحير عين، بقلب الواو ياء وجرهما، والجر عطف على المجرور، أي يطوف عليهم ولدان بكذا وكذا وحور عين. وقيل : هو على معنى : وينعمون بهذا كله وبحور عين. وقال الزمخشري : عطفاً على ﴿جَنَّـاتِ النَّعِيمِ﴾، كأنه قال : هم في جنات وفاكهة ولحم وحور. انتهى، وهذا فيه بعد وتفكيك كلام مرتبط بعضه ببعض، وهو فهم أعجمي. وقرأ أبي وعبد الله : وحوراً عيناً بنصبهما، قالوا : على معنى ويعطون هذا كله وحوراً عيناً. وقرأ قتادة : وحور عين بالرفع مضافاً إلى عين ؛ وابن مقسم : بالنصب مضافاً إلى عين ؛ وعكرمة : وحوراء عيناء على التوحيد اسم جنس، وبفتح الهمزة فيهما ؛ فاحتمل أن يكون مجروراً عطفاً على المجرور السابق ؛ واحتمل أن يكون منصوباً ؛ كقراءة أبي وعبد الله وحوراً عيناً. ووصف اللؤلؤ بالمكنون، لأنه أصفى وأبعد من التغير. وفي الحديث :"صفاؤهنّ كصفاء الدر الذي لا تمسه الأيدي". وقال تعالى :﴿كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ﴾، وقال الشاعر، يصف امرأة بالصون وعدم الابتذال، فشبهها بالدرة المكنونة في صدفتها فقال :
قامت ترأى بين سجفي كلةكالشمس يوم طلوعها بالأسعد
أو درّة صدفية غواصهابهج متى يرها يهل ويسجد
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٠٠