سورة الجمعة
مدنية
بسم الله الرحمن الرحيم
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٦٣٢٦٤
السفر : الكتاب المجتمع الأوراق منضدة.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٦٤
﴿يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الارْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * هُوَ الَّذِى بَعَثَ فِى الامِّيِّانَ رَسُولا مِّنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ ءَايَاتِهِا وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِى ضَلَالٍ مُّبِينٍ * وَءَاخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِم وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * ذَالِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُا وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ * مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارَا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بآيات اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾.
٢٦٥
هذه السورة مدنية. وقيل : مكية، وهو خطأ، لأن أمر اليهود وانفضاض الناس في الجمعة لم يكن إلا بالمدينة. ومناسبتها لما قبلها : أنه تعالى لما ذكر تأييد من آمن على أعدائهم، أتبعه بذكر التنزيه لله تعالى وسعة ملكه وتقديسه، وذكر ما أنعم به على أمّة محمد صلى الله عليه وسلّم من بعثته إليهم، وتلاوته عليهم كتابه، وتزكيتهم، فصارت أمّته غالبة سائر الأمم، قاهرة لها، منتشرة الدعوة، كما انتشرت دعوة الحواريين في زمانهم. وقرأ الجمهور :﴿الْمَلِكِ﴾ بجرّه وجر ما بعده ؛ وأبو وائل ومسلمة بن محارب ورؤبة وأبو الدّينار الأعرابي : بالرفع على إضمار هو، وحسنه الفصل الذي فيه طول بين الموصوف والصفة، وكذلك جاء عن يعقوب. وقرأ أبو الدينار وزيد بن عليّ : القدوس بفتح القاف ؛ والجمهور : بالضم. ﴿هُوَ الَّذِى بَعَثَ﴾ الآية : تقدم الكلام في نظيرها في آل عمران وفي نسبة الأمّي.
﴿وَءَاخَرِينَ﴾ : الظاهر أنه معطوف على ﴿الامِّيِّانَ﴾، أي وفي آخرين من الأمّيين لم يلحقوا بهم بعد، وسيلحقون. وقيل :﴿وَءَاخَرِينَ﴾ منصوب معطوف على الضمير في ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ﴾، أسند تعليم الآخرين إليه عليه الصلاة والسلام مجازاً لما تناسق التعليم إلى آخر الزمان وتلا بعضه بعضاً، فكأنه عليه الصلاة والسلام وجد منه. وقال أبو هريرة وغيره : وآخرين هم فارس، وجاء نصاً عنه في صحيح البخاري ومسلم، ولو فهم منه الحصر في فارس لم يجز أن يفسر به الآية، ولكن فهم المفسرون منه أنه تمثيل. فقال مجاهد وابن جبير : الروم والعجم. وقال مجاهد أيضاً وعكرمة ومقاتل : التابعين من أبناء العرب لقوله :﴿مِنْهُمْ﴾، أي في النسب. وقال مجاهد أيضاً والضحاك وابن حبان : طوائف من الناس. وقال ابن عمر : أهل اليمن. وعن مجاهد أيضاً : أبناء الأعاجم ؛ وعن ابن زيد أيضاً : هم التابعون ؛ وعن الضحاك أيضاً : العجم ؛ وعن أبي روق : الصغار بعد الكبار، وينبغي أن تحمل هذه الأقوال على التمثيل، كما حملوا قول الرسول صلى الله عليه وسلّم في فارس :﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ في تمكينه رجلاً أمّياً من ذلك الأمر العظيم، وتأييده واختياره من سائر البشر.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٦٤