﴿فَطَافَ عَلَيْهَا طَآاِفٌ﴾، قرأ النخعي : طيف. قال الفراء : والطائف : الأمر الذي يأتي بالليل، ورد عليه بقوله :﴿إِذَا مَسَّهُمْ طَئاِفٌ مِّنَ الشَّيْطَـانِ﴾، فلم يتخصص بالليل، وطائف مبهم. فقيل : هو جبريل عليه السلام، اقتلعها وطاف بها حول البيت، ثم وضعها حيث مدينة الطائف اليوم، ولذلك سميت بالطائف، وليس في أرض الحجاز بلدة فيها الماء والشجر والأعناب غيرها. وقال ابن عباس : طائف من أمر ربك. وقال قتادة : عذاب من ربك. وقال ابن جرير : عنق خرج من وادي جهنم. ﴿فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ﴾، قال ابن عباس : كالرماد الأسود، والصريم : الرماد الأسود بلغة خزيمة، وعنه أيضاً : الصريم رملة باليمن معروفة لا تنبت، فشبه جنتهم بها. وقال الحسن : صرم عنها الخير، أي قطع. فالصريم بمعنى مصروم. وقال الثوري : كالصبح من حيث ابيضت كالزرع المحصود. وقال مورج : كالرملة انصرمت من معظم الرمل، والرملة لا تنبت شيئاً ينفع. وقال الأخفش : كالصبح انصرم من الليل. وقال المبرد : كالنهار فلا شيء فيها. وقال شمر : الصريم : الليل، والصريم : النهار، أي ينصرم هذا عن ذاك، وذاك عن هذا. وقال الفراء والقاضي منذر بن سعيد وجماعة : الصريم : الليل من حيث اسودت جنتهم. ﴿فَتَنَادَوْا ﴾ : دعا بعضهم بعضاً إلى المضي إلى ميعادهم، ﴿أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ﴾. قال الزمخشري : فإن قلت : هلا قيل ﴿اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ﴾، وما معنى على ؟ قلت : لما كان الغدو إليه ليصرموه ويقطعوه كان غدواً عليه، كما تقول : غدا عليهم العدو. ويجوز أن يضمن الغد ومعنى الإقبال، كقولهم : يغدي عليه بالجفنة ويراح، أي فاقبلوا على حرثكم باكرين. انتهى. واستسلف الزمخشري أن غداً يتعدى بإلى، ويحتاج ذلك إلى نقل بحيث يكثر ذلك فيصير أصلاً فيه ويتأول ما خالفه، والذي في حفظي أنه معدى بعلى، كقول الشاعر :
بكرت عليه غدوة فرأيتهقعوداً عليه بالصريم عواذله
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٠٤
﴿إِن كُنتُمْ صَـارِمِينَ﴾ : الظاهر أنه من صرام النحل. قيل : ويحتمل أن يريد : إن كنتم أهل عزم وإقدام على رأيكم، من قولك : سيف صارم. ﴿يَتَخَـافَتُونَ﴾ : يخفون كلامهم خوفاً من أن يشعر بهم المساكين. ﴿أَن لا يَدْخُلَنَّهَا﴾ : أي يتخافتون بهذا الكلام وهو لا يدخلنها، وأن مصدرية، ويجوز أن تكون تفسيرية. وقرأ عبد الله وابن أبي عبلة : لا يدخلنها، بإسقاط أن على إضمار يقولون، أو على إجراء يتخافتون مجرى القول، إذ معناه : يسارون القول والنهي عن الدخول. نهى عن التمكين منه، أي لا تمكنوهم من الدخول فيدخلوا. ﴿وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَـادِرِينَ﴾ : أي على قصد وقدوة في أنفسهم، يظنون أنهم تمكنوا من مرادهم. قال معناه ابن عباس، أي قاصدين إلى جنتهم بسرعة، قادرين عند أنفسهم على صرامها. قال أبو عبيدة والقتبي :﴿عَلَى حَرْدٍ﴾ : على منع، أي قادرين في أنفسهم على منع المساكين من خيرها، فجزاهم الله بأن منعهم خيراً. وقال الحسن :﴿عَلَى حَرْدٍ﴾، أي حاجة وفاقة. وقال السدي وسفيان :﴿عَلَى حَرْدٍ﴾ : على غضب، أي لم يقدروا إلا على حنق وغضب بعضهم على بعض. وقيل :﴿عَلَى حَرْدٍ﴾ : على انفراد،
٣١٢
أي انفردوا دون المساكين. وقال الأزهري : حرد اسم قريتهم. وقال السدي : اسم جنتهم، أي غدوا على تلك الجنة قادرين على صرامها عند أنفسهم، أو مقدرين أن يتم لهم مرادهم من الصرام. قيل : ويحتمل أن يكون من التقدير بمعنى التضييق لقوله تعالى :﴿وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ﴾، أي مضيقين على المساكين، إذ حرموهم ما كان أبوهم ينيلهم منها.