ولذلك لا يجوز : مررت بزيد الخياط، على مراعاة موضع بزيد، ولا مررت بزيد وعمراً، ولا غضبت على زيد وجعفراً، ولا مررت بعمرو أخاك على مراعاة الموضع. فإن قلت : الحركة في يوم تكون حركة بناء لا حركة إعراب، فهو مجرور مثل ﴿فِى يَوْمٍ﴾. قلت : لا يجوز بناؤه على مذهب البصريين لأنه أضيف إلى معرب، لكنه يجوز على مذهب الكوفيين، فيتمشى كلام الزمخشري على مذهبهم إن كان استحضره وقصده. ﴿كَالْمُهْلِ﴾ : تقدم الكلام عليه في سورة الدخان، ﴿وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ﴾، كما في القارعة، لما نسفت طارت في الجو كالصوف المنفوش إذا طيرته الريح. قال الحسن : تسير الجبال مع الرياح، ثم تنهد، ثم تصير كالعهن، ثم تنسف فتصير هباء. وقرأ الجمهور :﴿وَلا يَسْـاَلُ﴾ مبيناً للفاعل، أي لا يسأله نصرة ولا منفعة لعلمه أنه لا يجد ذلك عنده. وقال قتادة : لا يسأله عن حاله لأنها ظاهرة. وقيل : لا يسأله أن يحمل عنه من أوزاره شيئاً ليأسه عن ذلك. وقيل : شفاعة. وقيل : حميماً منصوب على إسقاط عن، أي عن حميم، لشغله بما هو فيه. وقرأ أبو حيوة وشيبة وأبو جعفر والبزي : بخلاف عن ثلاثتهم مبنياً للمفعول، أي لا يسأل إحضاره كل من المؤمن والكافر له سيما يعرف بها. وقيل : عن ذنوب حميمه ليؤخذ بها.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٣٠
﴿يُبَصَّرُونَهُمْ﴾ : استئناف كلام. قال ابن عباس : في المحشر يبصر الحميم حميمه، ثم يفرّ عنه لشغله بنفسه. وقيل : يبصرونهم في النار. وقيل : يبصرونهم فلا يحتاجون إلى السؤال والطلب. وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون يبصرونهم صفة، أي حميماً مبصرين مصرفين إياهم. انتهى. و﴿حَمِيمٌ حَمِيمًا﴾ : نكرتان في سياق النفي فيعمان، ولذلك جمع الضمير. وقرأ قتادة : يبصرونهم مخففاً مع كسر الصاد، أي يبصر المؤمن الكافر في النار، قاله مجاهد. وقال ابن زيد : يبصر الكافر من أضله في النار عبرة وانتقاماً وحزناً. ﴿يَوَدُّ الْمُجْرِمُ﴾ : أي الكافر، وقد يندرج فيه المؤمن العاصي الذي يعذب. وقرأ الجمهور :﴿مِنْ عَذَابِ﴾ مضافاً ؛ وأبو حيوة بفتحها. ﴿وَصَـاحِبَتِهِ﴾ : زوجته، ﴿وَفَصِيلَتِهِ﴾ : أقرباؤه الأدنون، : تضمه انتماء إليها، أو لياذاً بها في النوائب. ﴿ثُمَّ يُنجِيهِ﴾ : عطف على ﴿يَفْتَدِي﴾ : أي ينجيه بالافتداء، أو من تقدم ذكرهم. وقرأ الزهري : تؤويه وتنجيه بضم الهاءين. ﴿كَلا﴾ : ردع لودادتهم الافتداء وتنبيه على أنه لا ينفع. ﴿أَنَّهَآ﴾ : الضمير للقصة، و﴿لَظَى * نَزَّاعَةً﴾ : تفسير لها أو للنار الدال عليها، ﴿عَذَابِ يَوْمِـاِذ﴾ و﴿لَظَى ﴾ بدل من الضمير، و﴿نَزَّاعَةً﴾ خبر إن أو خبر مبتدأ، و﴿لَظَى ﴾ خبر إن : أي هي نزاعة، أو بدل من ﴿لَظَى ﴾، أو خبر بعد خبر. كل هذا ذكروه، وذلك على قراءة الجمهور برفع نزاعة. وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون ضميراً مبهماً ترجم عنه الخبر. انتهى. ولا أدري ما هذا المضمر الذي ترجم عنه الخبر وليس هذا من المواضع التي يفسر فيها المفرد الضمير، ولولا أنه ذكر بعد هذا أو ضمير القصة، لحملت كلامه عليه. وقرأ ابن أبي عبلة وأبو حيوة والزعفراني وابن مقسم وحفص واليزيدي : في اختياره نزاعة بالنصب، فتعين أن يكون لظى خبراً لأن، والضمير في إنها عائد على النار الدال عليها عذاب، وانتصب نزاعة على الحال المؤكدة أو المبينة، والعامل فيها لظى، وإن كان عاملاً لما فيه من معنى التلظي، كما عمل العلم في الظرف في قوله :
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٣٠
أنا أبو المنهال بعض الأحيان
أي : المشهور بعض
٣٣٤
الاحيان، أو على الاختصاص للتهويل، قاله الزمخشري، وكأنه يعني القطع. فالنصب فيها كالرفع فيها، إذا أضمرت هو فتضمر هنا، أعني تدعو، أي حقيقة يخلق الله فيها الكلام كما يخلقه في الأعضاء، قاله ابن عباس وغيره، تدعوهم بأسمائهم وأسماء آبائهم. وقال الزمخشري : وكما خلقه في الشجرة. انتهى، فلم يترك مذهب الاعتزال. وقال الخليل : مجاز عن استدنائها منهم وما توقعه بهم من عذابها. وقال ثعلب : يهلك، تقول العرب : دعا الله، أي أهلكك، وحكاه الخليل عن العرب، قال الشاعر :
ليالي يدعوني الهوى فأجيبهوأعين من أهوى إليّ رواني
وقال آخر :
ترفع للعيان وكل فجطباه الدعى منه والخلاء


الصفحة التالية
Icon