والزعفراني وابن مقسم ونافع وزيد بن علي وأبان عن عاصم وهارون ومحبوب، كلاهما عن أبي عمرو، والحسن والجحدري : بخلاف عنهما بفتحها. قال أبو عبيدة : برق بالفتح : شق. وقال ابن إسحاق : خفت عند الموت. قال مجاهد : هذا عند الموت. وقال الحسن : هو يوم القيامة. وقرأ أبو السمال : بلق باللام عوض الراء، أي انفتح وانفرج، يقال : بلق الباب وأبلقته وبلقته : فتحته، هذا قول أهل اللغة إلا الفراء فإنه يقول : بلقه وأبلقه إذا أغلفه. وقال ثعلب : أخطأ الفراء في ذلك، إنما هو بلق الباب وأبلقه إذا فتحه. انتهى. ويمكن أن تكون اللام بدلاً من الراء، فهما يتعاقبان في بعض الكلام، نحو قولهم : نثرة ونثلة، ووجر ووجل. وقرأ الجمهور :﴿وَخَسَفَ﴾ مبنياً للفاعل ؛ وأبو حيوة وابن أبي عبلة ويزيد بن قطيب وزيد بن علي : مبنياً للمفعول. يقال : خسف القمر وخسفه الله، وكذلك الشمس. قال أبو عبيدة وجماعة من أهل اللغة : الخسوف والكسوف بمعنى واحد. وقال ابن أبي أويس : الكسوف ذهاب بعض الضوء، والخسوف جميعه.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٨١
﴿وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ﴾ : لم تلحق علامة التأنيث، لأن تأنيث الشمس مجان، أو لتغليب التذكير على التأنيث. وقال الكسائي : حمل على المعنى، والتقدير : جمع النوران أو الضياآن، ومعنى الجمع بينهما، قال عطاء بن يسار : يجمعان فيلقيان في النار، وعنه يجمعان يوم القيامة ثم يقذفان في البحر، فيكونان نار الله الكبرى. وقيل : يجمع بينهما في الطلوع من المغرب، فيطلعان أسودين مكورين. وقال علي وابن عباس : يجعلان في نور الحجب، وقيل : يجتمعان ولا يتفرقان، ويقربان من الناس فيلحقهم العرق لشدة الحر، فكأن المعنى : يجمع حرهما. وقيل : يجمع بينهما في ذهابه الضوء، فلا يكون ثم تعاقب ليل ولا نهار. وقرأ الجمهور :﴿الْمَفَرُّ﴾ بفتح الميم والفاء، أي أين الفرار ؟ وقرأ الحسن بن علي بن أبي طالب، والحسن بن زيد، وابن عباس والحسن وعكرمة وأيوب السختياني وكلثوم بن عياض ومجاهد وابن يعمر وحماد بن سلمة وأبو رجاء وعيسى وابن أبي إسحاق وأبو حيوة وابن أبي عبلة والزهري : بكسر الفاء، وهو موضع الفرار. وقرأ الحسن : بكسر الميم وفتح الفاء، ونسبها ابن عطية للزهري، أي الجيد الفرار، وأكثر ما يستعمل هذا الوزن في الآلات وفي صفات الخيل، نحو قوله :
مكر مفر مقبل مدبر معاً
والظاهر أن قوله :﴿كَلا لا وَزَرَ * إِلَى رَبِّكَ يومئذ الْمُسْتَقَرُّ﴾ من تمام قول الإنسان. وقيل : هو من كلام الله تعالى، لا حكاية عن الإنسان. ﴿كَلا﴾ : ردع عن طلب المفر، ﴿لا وَزَرَ﴾ : لا ملجأ، وعبر المفسرون عنه بالجبل. قال مطرف بن الشخير : هو كان وزر فرار العرب في بلادهم، فلذلك استعمل ؛ والحقيقة أنه الملجأ من جبل أو حصن أو سلاح أو رجل أو غيره. ﴿إِلَى رَبِّكَ يَوْمَـاِذٍ﴾ : أي إلى حكمه يومئذ تقول أين المفر، ﴿الْمُسْتَقَرُّ﴾ : أي الاستقرار، أو موضع استقرار من جنة أو نار إلى مشيئته تعالى، يدخل من شاء الجنة، ويدخل من شاء النار. ﴿بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ﴾، قال عبد الله وابن عباس : بما قدم في حياته وأخر من سنة يعمل بها بعده. وقال ابن عباس أيضاً : بما قدم من المعاصي وأخر من الطاعات. وقال زيد بن أسلم : بما قدم من ماله لنفسه، وبما أخر منه للوارث. وقال النخعي ومجاهد : بأول عمله وآخره. وقال الضحاك : بما قدم من فرض وأخر من فرض ؛ والظاهر حمله على العموم، أي يخبره بكل ما قدم وكل ما أخر مما ذكره المفسرون ومما لم يذكروه. ﴿بَصِيرَةٌ﴾ : خبر عن الإنسان، أي شاهد، قاله قتادة، والهاء للمبالغة. وقال الأخفش : هو كقولك : فلإن عبرة وحجة. وقيل : أنث لأنه أراد جوارحه، أي جوارحه على نفسه بصيرة. وقيل : بصيرة مبتدأ محذوف الموصوف، أي عين بصيرة، وعلى نفسه الخبر. والجملة في موضع خبر عن الإنسان، والتقدير عين بصيرة، وإليه ذهب الفراء وأنشد :
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٨١
كأن على ذي العقل عيناً بصيرةبمقعده أو منظر هو ناظره
يحاذر حتى يحسب الناس كلهممن الخوف لا تخفى عليهم سرائره
وعلى هذا نختار أن تكون بصيرة فاعلاً بالجار والمجرور، وهو الخبر عن الإنسان. ألا ترى أنه قد اعتمد بوقوعه خبراً عن الإنسان ؟ وعلى هذا فالتاء للتأنيث. وتأول ابن عباس البصيرة بالجوارح أو الملائكة الحفظة. والمعاذير عند الجمهور الأعذار، فالمعنى : لو جاء بكل معذرة يعتذر بها عن نفسه فإنه هو الشاهد عليها والحجة البينة عليها. وقيل : المعاذير جمع معذرة. وقال الزمخشري : قياس معذرة معاذر، فالمعاذير ليس بجمع معذرة، إنما هو اسم جمع لها، ونحو المناكير في المنكر. انتهى. وليس هذا البناء من
٣٨٦


الصفحة التالية
Icon