سورة الدهر
مدنية

بسم الله الرحمن الرحيم

جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٩٠
الأمشاج : الاخلاط، واحدها مشج بفتحتين، أو مشج كعدل، أو مشيج كشريف وأشراف، قاله ابن الأعرابي، وقال رؤبة :
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٩١
يطرحن كل معجل بساجلم يكس جلداً من دم أمشاج
٣٩١
وقال الهذلي :
كأن النصل والفوقين منهاخلاف الريش سيط به مشيج
وقال الشماخ :
طوت أحشاء مرتجة لوقتعلى مشج سلالته مهين
ويقال : مشج يمشج مشجاً إذا خلط، ومشيج : كخليط، وممشوج : كمخلوط. مزج الشيء بالشيء : خلطه، وقال الشاعر :
كأن سبيئة من بيت رأسيكون مزاجها عسل وماء
استطار الشيء : انتشر، وتقول العرب : استطار الصدع في القارورة وشبهها واستطال، ومنه قول الشاعر :
فبانت وقد أسأرت في الفؤاد صدعاً على نأيها مستطيرا
وقال الفراء : مستطير : مستطيل. ويقال : يوم قمطرير وقماطر واقمطرّ، فهو مقمطر إذا كان صعباً شديداً، وقال الزاجز :
قد جعلت شبوة تزبئرتكسو إستها لحماً وتقمطر
وقال الشاعر :
ففرّوا إذا ما الحرب ثار غبارهاوبج بها اليوم الشديد القماطر
وقال الزجاج : القمطرير : الذي يعيش حتى يجتمع ما بين عينيه، ويقال : أقمطرت الناقة إذا رفعت ذنبها وجمعت قطريها ورمت بأنفها، فاشتقه من القطر وجعل الميم زائدة، وقال أسد بن ناعصة :
واصطليت الحروب في كل يومباسد الشر قمطرير الصباح
واختلف في هذا الوزن، وأكثر النحاة لا يثبت افمعلّ في أوزان الأفعال. الزمهرير : أشد البرد، وقال ثعلب : هو القمر بلغة طي، وأنشد قول الراجز :
وليلة ظلامها قد اعتكرقطعتها والزمهرير ما زهر
القارورة : إناء رقيق صاف توضع فيه الأشربة، قيل : ويكون من الزجاج. الزنجبيل، قال الدينوري : نبت في أرض عمان عروق تسري وليس بشجر، يؤكل رطباً، وأجوده ما يحمل من بلاد الصين، كانت العرب تحبه لأنه يوجب لذعاً في اللسان إذا مزج بالشراب فيتلذذون به، قال الشاعر :
كأن جنباً من الزنجبيل باتبفيها وارياً مستورا
وقال المسيب بن علس :
وكأن طعم الزنجبيل به إذا ذقته وسلافة الخمر
السلسبيل والسلسل والسلسال : ما كان من الشراب غاية في السلاسة، قاله الزجاج. وقال ابن الأعرابي : لم أسمع السلسبيل إلا في القرآن. ثم ظرف مكان للبعد.
﴿هَلْ أَتَى عَلَى الانسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْاًا مَّذْكُورًا * إِنَّا خَلَقْنَا الانسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعَا بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا * إِنَّآ أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلا وَأَغْلَالا وَسَعِيرًا * إِنَّ الابْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا * يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّه مُسْتَطِيرًا * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِا مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَآءً وَلا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَالِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا * مُّتَّكِاِينَ فِيهَا عَلَى الارَآاِكِا لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلا زَمْهَرِيرًا * وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلا﴾.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٩١
هذه السورة مكية في قول الجمهور. وقال مجاهد وقتادة : مدنية. وقال الحسن وعكرمة : مدنية إلا آية واحدة فإنها مكية وهي :﴿وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ ءَاثِمًا أَوْ كَفُورًا﴾. وقيل : مدنية إلا من قوله :﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ﴾ الخ، فإنه مكي، حكاه الماوردي. ومناسبتها لما قبلها ظاهرة جدّاً لا تحتاج إلى شرح.
﴿هَلْ﴾ حرف استفهام، فإن دخلت على الجملة الاسمية لم يمكن تأويله بقد، لأن قد من خواص الفعل، فإن دخلت على الفعل فالأكثر أن تأتي للاستفهام المحض. وقال ابن عباس وقتادة : هي هنا بمعنى قد. قيل : لأن الأصل أهل، فكأن الهمزة حذفت واجتزىء بها في الاستفهام، ويدل على ذلك قوله :
سائل فوارس يربوع لحلتهاأهل رأونا بوادي النتّ ذي الأكم
فالمعنى : أقد أتى على التقدير والتقريب جميعاً، أي أتى على الإنسان قبل زمان قريب حين من الدهر لم يكن كذا، فإنه يكون الجواب : أتى عليه ذلك وهو بالحال المذكور. وما تليت عند أبي بكر، وقيل : عند عمر رضي الله تعالى عنهما قال : ليتها تمت، أي ليت تلك الحالة تمت، وهي كونه شيئاً غير مذكور ولم يخلق ولم يكلف. والإنسان هنا جنس بني آدم، والحين الذي مرّ عليه، إما حين عدمه، وإما حين كونه نطفة. وانتقاله من رتبة إلى رتبة حتى حين إمكان خطابه، فإنه في تلك المدة لا ذكر له، وسمي إنساناً باعتبار ما صار إليه. وقيل : آدم عليه الصلاة والسلام، والحين الذي مر عليه هي المدة التي بقي فيها إلى أن نفخ فيه الروح. وعن ابن عباس : بقي طيناً أربعين سنة، ثم صلصالاً أربعين، ثم حمأ مسنوناً أربعين، فتم خلقه في مائة وعشرين سنة، وسمي إنساناً باعتبار ما آل إليه. والجملة من ﴿لَمْ يَكُنِ﴾ في موضع الحال من الإنسان، كأنه قيل : غير مذكور، وهو الظاهر أو في موضع الصفة لحين، فيكون العائد على الموصوف محذوفاً، أي لم يكن فيه.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٩١


الصفحة التالية
Icon