سورة البروج
مكية

بسم الله الرحمن الرحيم

جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٤٧
٤٤٨
الأخدود : الخد في الأرض، وهو الشق ونحوهما بناء، ومعنى الخق والأخقوق، ومنه :
فساحت قوائمه في أخافيق جردان
﴿وَالسَّمَآءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ * وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ * وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ * قُتِلَ أَصْحَابُ الاخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ * وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * الَّذِى لَه مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالارْضِا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ شَهِيدٌ * إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ * إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الانْهَارُا ذَالِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ * إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ * إِنَّه هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ * وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ * هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ * فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ * بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِى تَكْذِيبٍ * وَاللَّهُ مِن وَرَآاِهِم مُّحِيطُا * بَلْ هُوَ قُرْءَانٌ مَّجِيدٌ * فِى لَوْحٍ مَّحْفُوظ﴾.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٤٨
هذه السورة مكية. ومناسبتها لما قبلها : لما ذكر أنه تعالى أعلم بما يجمعون للرسول صلى الله عليه وسلّم وللمؤمنين من المكر، والخداع، وإذاية من أسلم بأنواع من الأذى، كالضرب، والقتل، والصلب، والحرق بالشمس، وإحماء الصخر ووضع أجساد من يريدون أن يفتنوه عليه ؛ ذكر أن هذه الشنشنة كانت فيمن تقدم من الأمم يعذبون بالنار، وأن أولئك الذين أعرضوا على النار كان لهم من الثبات في الإيمان ما منعهم أن يرجعوا عن دينهم أو يحرموا، وأن أولئك الذين عذبوا عباد الله ملعونون، فكذلك الذين عذبوا المؤمنين من كفار قريش ملعونون. فهذه السورة عظة لقريش وتثبيت لمن يعذب.
﴿ذَاتِ الْبُرُوجِ﴾، قال ابن عباس والجمهور : هي المنازل التي عرفتها العرب، وهي اثنا عشر على ما قسمته، وهي التي تقطعها الشمس في سنة، والقمر في ثمانية وعشرين يوماً. وقال عكرمة والحسن ومجاهد : هي القصور. وقال الحسن ومجاهد أيضاً : هي النجوم. وقيل : عظام الكواكب، سميت بروجاً لظهورها. وقيل : هي أبواب السماء ؛ وقد تقدم ذكر البروج في سورة الحجر. ﴿وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ﴾ : هو يوم القيامة، أي الموعود به.﴿وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ﴾ : هذان منكران، وينبغي حملهما على العموم لقوله :﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّآ أَحْضَرَتْ﴾، وإن كان اللفظ لا يقتضيه، لكن المعنى يقتضيه، إذ لا يقسم بنكرة ولا يدري من هي. فإذا لوحظ فيها معنى العموم، اندرج فيها المعرفة فحسن القسم. وكذا ينبغي أن يحمل ما جاء من هذا النوع نكرة، كقوله :﴿وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مُّسْطُورٍ﴾، ولأنه إذا حمل ﴿وَكِتَابٍ مُّسْطُورٍ﴾ على العموم دخل فيه معنيان : الكتب الإلهية، كالتوراة والإنجيل والقرآن، فيحسن إذ ذاك القسم به.
ولما ذكر واليوم الموعود، وهو يوم القيامة باتفاق، وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلّم، ناسب أن يكون المقسم به من يشهد في ذلك اليوم ومن يشهد عليه.
٤٤٩
إن كان ذلك من الشهادة، وإن كان من الحضور، فالشاهد : الخلائق الحاضرون للحساب، والمشهود : اليوم، كما قال تعالى :﴿ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَالِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ﴾، كان موعوداً به فصار مشهوداً، وقد اختلفت أقوال المفسرين في تعيينهما.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٤٨


الصفحة التالية
Icon