فإن قال: أو ليس المواقيت في مثل هذا تكون في كلام العرب بالواو الدالِّ على الوقت؟
قيل: إن ذلك، وإن كان كذلك، فإنهم قد يحذفون من مثل هذا الموضع، استثقالا للجمع بين حرفي عطف، إذ كان"أو" عندهم من حروف العطف، (١) وكذلك"الواو"، فيقولون:"لقيتني مملقًا أو أنا مسافر"، بمعنى: أو وأنا مسافر، فيحذفون"الواو" وهم مريدوها في الكلام، لما وصفت. (٢)
* * *
القول في تأويل قوله :﴿ فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (٥) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فلم يكن دعوى أهل القرية التي أهلكناها، إذ جاءهم بأسنا وسطوتُنا بياتًا أو هم قائلون، إلا اعترافهم على أنفسهم بأنهم كانوا إلى أنفسهم مسيئين، وبربهم آثمين، ولأمره ونهيه مخالفين. (٣)
* * *
وعنى بقوله جل ثناؤه:(دعواهم)، في هذا الموضع دعاءَهم.
* * *
ولـ"الدعوى"، في كلام العرب، وجهان: أحدهما: الدعاء، والآخر: الادعاء للحق.
ومن"الدعوى" التي معناها الدعاء، قول الله تبارك وتعالى:( فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ ) [سورة الأنبياء: ١٥]، ومنه قول الشاعر: (٤)

(١) في المخطوطة :(( إذ كان وعندهم من حروف العطف )) بياض، وفوق البياض ( كذا )، وفي الهامش حرف ( ط ). والذي في المطبوعة شبيه بالصواب.
(٢) انظر معاني القرآن للفراء ١ : ٣٧٢.
(٣) انظر بيان قول (( بربهم آثمين )) فيما سلف ص : ١٧١، تعليق : ١، والمراجع هناك.
(٤) كثير عزة.


الصفحة التالية
Icon