فأما إذا أريد أن الهول أنساه وسلاه، قلت: أذهله هذا الأمر عن كذا يُذهله إذهالا. وفي إثبات الهاء في قوله( كُلُّ مُرْضِعَةٍ ) اختلاف بين أهل العربية وكان بعض نحويي الكوفيين يقول: إذا أثبتت الهاء في المرضعة فإنما يراد أم الصبي المرضع، وإذا أسقطت فإنه يراد المرأة التي معها صبيّ ترضعه، لأنه أريد الفعل بها. قالوا: ولو أريد بها الصفة فيما يرى لقال مُرْضع. قال: وكذلك كل مُفْعِل أو فاعل يكون للأنثى ولا يكون للذكر، فهو بغير هاء، نحو: مُقْرب، ومُوقِر، ومُشْدن، وحامل، وحائض. (١)
قال أبو جعفر: وهذا القول عندي أولى بالصواب في ذلك، لأن العرب من شأنها إسقاط هاء التأنيث من كل فاعل ومفعل إذا وصفوا المؤنث به، ولو لم يكن للمذكر فيه حظ، فإذا أرادوا الخبر عنها أنها ستفعله ولم تفعله، أثبتوا هاء التأنيث ليفرقوا بين الصفة والفعل. منه قول الأعشى فيما هو واقع ولم يكن وقع قبل:
أيا جارَتا بِينِي فإنَّك طالِقهْ... كَذَاكَ أُمُورُ الناسِ غادٍ وطارِقَهْ (٢)
وأما فيما هو صفة، نحو قول امرئ القيس:
(٢) البيت لأعشى بن قيس بن ثعلبة، من قصيدة له قالها لامرأته الهزانية ( ديوانه طبع القاهرة بشرح الدكتور محمد حسين، ص ٢٦٣ ) والرواية فيه : يا جارتي. قال شارحه : الجارة هنا : زوجته. بيني : أي فارقي. غاد وطارقة : ذكر ( غاد ) على إرادة الجمع، وأنث ( طارقة ) على إرادة الجماعة. والغادي : الذي يأتي عدوه في الصباح. والطارق الذي يطرق، أي يأتي ليلا. وأنشده صاحب ( اللسان : طلق ) قال ابن الأعرابي : طلقت ( بضم اللام ) من الطلاق : أجود، وطلقت بفتح اللام - جائز. وكلهم يقول : امرأة طالق، بغير هاء. وأما قول الأعشى * أيا جارتا بيينى فإنك طالقه *
فإن الليث قال : أراد : طالقة غدا. قال غيره قال طالقة على الفعل، لأنها يقال ها قد طلقت، فبنى النعت على الفعل، وطلاق المرأة : بينونتها عن زوجها. وامرأة طالق من نسوة طلق، وطالقة من نسوة طوالق وأنشد قول الأعشى :* أجارتنا بيني فإنك طالقه *
... البيت.