سواء فاستأنف به، ورفع لم يقله في معتدل، لأن معتدل فعل مصرّح، وسواء مصدر فإخراجهم إياه إلى الفعل كإخراجهم حسب في قولهم: مررت برجل حسبك من رجل إلى الفعل. وقد ذُكر عن بعض القرّاء أنه قرأه نصبا على إعمال جعلناه فيه، وذلك وإن كان له وجه في العربية، فقراءة لا أستجيز القراءة بها لإجماع الحجة من القرّاء على خلافه.
وقوله:( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) يقول تعالى ذكره: ومن يرد فيه إلحادا بظلم نذقه من عذاب أليم، وهو أن يميل في البيت الحرام بظلم، وأدخلت الباء في قوله بإلحاد، والمعنى فيه ما قلت، كما أدخلت في قوله:( تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ ) والمعنى: تنبت الدهن، كما قال الشاعر:
بِوَادِ يَمَانٍ ينبت الشَّثَّ صَدْرُهُ... وأسْفَلُهُ بالمَرْخِ والشَّبَهانِ (١)
والمعنى: وأسفله ينبت المرخ والشبهان؛ وكما قال أعشى بني ثعلبة:
ضَمِنَتْ بِرزْقِ عِيالِنا أرْماحُنا... بينَ المَرَاجِلِ والصَّرِيحِ الأجْرَدِ (٢)
(٢) هذا البيت ينسب لأعشى بني قيس بن ثعلبة، ولم أجد في ديوانه قصيدة دالية مكسورة من بحر الكامل، ووجدت البيت في دالية منصوبة باختلاف في رواية وهذا هو البيت مع البيتين قبله :
جَعَلَ الإلَهُ طَعامَنا في مالِنا | رِزْقا تَضَمَّنَهُ لَنا لَنْ يَنْفَدا |
مِثْلَ الهِضَابِ جَزَارَةً لسُيُوفنا | فإذَا تُراعُ فِإنَّهَا لَنْ تُطْرَدَا |
ضَمنَتْ لَنا أعْجَازُهُنَّ قُدُورَنا | وَضُرُوعُهُنَّ لَنا الصَّرِيحَ الأجْرَدَا |
ضَمِنَتْ لَنا أعْجَازَهُ أرْماحُنا | مِلْءَ المَرَاجِلِ والصَّرِيحَ الأجْرَدَا |