( وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا ) حلماء.
قال: ثنا الحسين، قال: ثنا يحيى بن يمان، عن أبي الأشهب، عن الحسن، قال: حلماء لا يجهلون، وإن جُهِل عليهم حلموا ولم يسفهوا، هذا نهارهم فكيف ليلهم - خير ليل - صفوا أقدامهم، وأجْرَوا دموعهم على خدودهم يطلبون إلى الله جلّ ثناؤه في فكاك رقابهم.
قال: ثنا الحسين، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا عبادة، عن الحسن، قال: حلماء لا يجهلون وإن جهل عليهم حلموا.
القول في تأويل قوله تعالى :﴿ وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (٦٤) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (٦٥) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (٦٦) ﴾
يقول تعالى ذكره: والذين يبيتون لربهم يصلون لله، يراوحون بين سجود في صلاتهم وقيام. وقوله:( وَقِيَامًا ) جمع قائم، كما الصيام جمع صائم( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ ) يقول تعالى ذكره: والذين يدعون الله أن يصرف عنهم عقابه وعذابه حذرا منه ووجلا. وقوله:( إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا ) يقول: إن عذاب جهنم كان غراما ملحا دائما لازما غير مفارق من عذِّب به من الكفار، ومهلكا له. ومنه قولهم: رجل مُغْرم، من الغُرْم والدَّين. ومنه قيل للغريم غَريم لطلبه حقه، وإلحاحه على صاحبه فيه. ومنه قيل للرجل المولع للنساء: إنه لمغرَم بالنساء، وفلان مغرَم بفلان: إذا لم يصبر عنه; ومنه قول الأعشى:
إنْ يُعَاقِب يَكُنْ غَرَاما وَإِنْ يُعْـ... ـطِ جَزِيلا فَإِنَّهُ لا يبالي (١)
يقول: إن يعاقب يكن عقابه عقابا لازما، لا يفارق صاحبه مهلكا له، وقول

(١) البيت لأعشى بني قيس بن ثعلبة ( ديوانه طبع القاهرة، بشرح الدكتور محمد حسين، ص ٩ ) وهو من قصيدة يمدح بها الأسود بن المنذر اللخمي، وأولها ما بكاء الكبير بالأطلال
والغرام الشر الدائم، ومنه قوله تعالى ﴿ إن عذابها كان غرامًا ﴾ أي هلاكًا ولزامًا لهم. يقول : إن عاقب كان غرامًا، وإن أعطى لم يبال العذال.


الصفحة التالية
Icon