بشر بن أبي خازم:
وَيوْمَ النِّسارِ وَيَوْمَ الجِفا... رِ كَانَ عِقَابًا وَكَانَ غَرَاما (١)
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني علي بن الحسن اللاني، قال: أخبرنا المعافي بن عمران الموصلي، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب في قوله:( إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا ) قال: إن الله سأل الكفار عن نعمه، فلم يردّوها إليه، فأغرمهم، فأدخلهم النار.
قال: ثنا المعافي، عن أبي الأشهب، عن الحسن، في قوله:( إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا ) قال: قد علموا أن كلّ غريم مفارق غريمه إلا غريم جهنم.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:( إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا ) قال: الغرام: الشرّ.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، في قوله:( إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا ) قال: لا يفارقه.
وقوله( إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ) يقول: إن جهنم ساءت مستقرًّا ومقاما، يعني بالمستقرّ: القرار، وبالمقام: الإقامة; كأن معنى الكلام: ساءت جهنم منزلا

(١) البيت لبشر بن أبي خازم كما قال المؤلف. وفي اللسان نسبه للطرماح. قال : والغرام : اللازم من العذاب، والشر الدائم، والبلاء، والحب، والعشق، وما لا يستطاع أن يتفصى منه، وقال الزجاج : هو أشد العذاب في اللغة. قال الله عز وجل :﴿ إن عذابها كان غرامًا ﴾، وقال الطرماح :" ويوم النسار... " البيت. وقوله عز وجل :﴿ إن عذابها كان غرامًا ﴾ : أي ملحًا دائمًا ملازمًا. وفي معجم ما استعجم للبكري (طبعة القاهرة ص ٣٨٥) الجفار : بكسر أوله، وبالراء المهملة : موضع بنجد، وهو الذي عنى بشر بن أبي خازم بقوله :" ويوم الجفار... " البيت. وقال أبو عبيدة : الجفار : في بلاد بني تميم. وقال البكري في رسم النسار : النسار، بكسر أوله : على لفظ الجمع، وهي أجبل صغار، شبهت بأنسر واقعة، وذكر ذلك أبو حاتم. وقال في موضع آخر : هي ثلاث قارات سود، تسمى الأنسر. وهناك أوقعت طيئ وأسد وغطفان، وهم حلفاء لبني عامر وبني تميم، ففرت تميم، وثبتت بنو عامر، فقتلوهم قتلا شديدًا ؛ فغضبت بنو تميم لبني عامر، فتجمعوا ولقوهم يوم الجفار، فلقيت أشد مما لقيت بنو عامر، فقال بشر ابن أبي خازم :
غَضِبَتْ تَمِيمٌ أنْ تُقْتَّلَ عَامِر يَوْمَ النِّسَارِ فَأُعْقِبُوا بِالصَّيْلَمِ
قلت : الصيلم : الداهية المستأصلة. وفي رواية : فأعتبوا


الصفحة التالية
Icon