وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٢٧) }
يقول تعالى ذكره:(قَالَ) أبو المرأتين اللتين سقى لهما موسى لموسى:( إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ ) يعني بقوله:( عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ): على أن تثيبني من تزويجها رعي ماشيتي ثماني حِجَج، من قول الناس: آجرك الله فهو يَأْجُرُك، بمعنى: أثابك الله; والعرب تقول: أَجَرْت الأجير آجره، بمعنى: أعطيته ذلك، كما يقال: أخذته فأنا آخذه. وحكى بعض أهل العربية من أهل البصرة أن لغة العرب: أَجَرْت غلامي فهو مأجور، وآجرته فهو مُؤْجَر، يريد: أفعلته.
قال: وقال بعضهم: آجره فهو مؤاجر، أراد فاعلته; وكأن أباها عندي جعل صداق ابنته التي زوجها موسى رعي موسى عليه ماشيته ثمانيَ حِجَج، والحجَج: السنون.
وقوله:( فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ ) يقول: فإن أتممت الثماني الحجج عشرا التي شرطتها عليك بإنكاحي إياك إحدى ابنتي، فجعلتها عشر حجج، فإحسان من عندك، وليس مما اشترطته عليك بسبب تزويجك ابنتي( وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ ) باشتراط الثماني الحِجَج عَشْرا عليك( سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ) في الوفاء بما قلت لك.
كما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق:( سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ) أي في حُسن الصحبة والوفاء بما قلت.
القول في تأويل قوله تعالى :﴿ قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (٢٨) ﴾
يقول تعالى ذكره:(قَالَ) موسى لأبي المرأتين( ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ ) أي هذا الذي قلتَ من أنك تزوّجني أحدى ابنتيك على أن آجرك ثماني حجَج، واجب بيني وبينك، على كل واحد منا الوفاء لصاحبه بما أوجب له على نفسه.
وقوله:( أَيَّمَا الأجَلَيْنِ قَضَيْتُ ) يقول: أيّ الأجلين من الثماني الحجج والعشر الحجَج قضيت، يقول: فرغت منها فوفيتكها رعي غنمك وماشيتك( فَلا عُدْوَانَ عَلَيَّ ) يقول: فليس لك أن تعتدي عليّ، فتطالبني بأكثر منه، و"ما" في قوله:( أَيَّمَا