فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (٥٦) }
يقول تعالى ذكره: وأنيبوا إلى ربكم، وأسلموا له( أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ ) بمعنى لئلا تقول نفس( يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ )، وهو نظير قوله:( وَأَلْقَى فِي الأرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ ) بمعنى: أن لا تميد بكم، فأن، إذ كان ذلك معناه، في موضع نصب.
وقوله( يَا حَسْرَتَا ) يعني أن تقول: يا ندما.
كما محمد بن الحسين، قال: ثني أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ في قوله:( يَا حَسْرَتَا ) قال: الندامة، والألف في قوله( يَا حَسْرَتَا ) هي كناية المتكلم، وإنما أريد: يا حسرتي، ولكن العرب تحوّل الياء فى كناية اسم المتكلم في الاستغاثة ألفا، فتقول: يا ويلتا، ويا ندما، فيخرجون ذلك على لفظ الدعاء، وربما قيل: يا حسرة على العباد، كما قيل: يا لهف، ويا لهفا عليه، وذكر الفراء أن أبا ثَرْوان أنشده:
تَزُورُونَهَا وَلا أزُورُ نِسَاءَكُمْ... ألْهفَ لأوْلادِ الإماء الحَوَاطِبِ (١)
خفضا كما يخفض في النداء إذا أضافه المتكلم إلى نفسه، وربما أدخلوا الهاء بعد هذه الألف، فيخفضونها أحيانا، ويرفعونها أحيانا، وذكر الفراء أن بعض بني أسد أنشد: