ذكر ابن الزبير جدّه، يعني أبا بكر.
وقوله( أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ ) يقول: أن لا تحبط أعمالكم فتذهب باطلة لا ثواب لكم عليها، ولا جزاء برفعكم أصواتكم فوق صوت نبيكم، وجهركم له بالقول كجهر بعضكم لبعض.
وقد اختلف أهل العربية في معنى ذلك، فقال بعض نحويي الكوفة: معناه: لا تحبط أعمالكم. قال: وفيه الجزم والرفع إذا وضعت "لا" مكان "أن". قال: وهي في قراءة عبد الله( فَتَحْبَطْ أَعْمَالُكُمْ ) وهو دليل على جواز الجزم، وقال بعض نحويي البصرة: قال: أن تحبط أعمالكم: أي مخافة أن تحبط أعمالكم وقد يقال: أسند الحائط أن يميل.
وقوله( وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ ) يقول: وأنتم لا تعلمون ولا تدرون.
القول في تأويل قوله تعالى :﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (٣) ﴾
يقول تعالى ذكره: إن الذين يكفون رفع أصواتهم عند رسول الله، وأصل الغضّ: الكفّ في لين. ومنه: غضّ البصر، وهو كفه عن النظر، كما قال جرير:
فَغُضَّ الطَّرْفَ إنَّكَ مِنْ نُمَيْر... فَلا كَعْبا بَلَغتَ وَلا كِلابا (١)

(١) البيت لجرير بن الخطفي، من قصيدة يهجو بها الراعي النميري الشاعر. ( ديوانه ٦٤ ) يقول له. غض نظرك أي كف بصرك ذلا ومهانة. وهذا موضع الشاهد عند قوله تعالى " يغضون أصواتهم عند رسول الله " وهو من ذلك. قال في " اللسان : غض " : وغض طرفه وبصره، يغضه غضا وغضاضا ( ككتاب ) وغضاضة ( كسحابة ) فهو مغضوض وغضيض " كفه وخفضه وكسره، وقيل : هو إذا دانى بين جفونه ونظر. وقيل : الغضيض : الطرف المسترخي الأجفان. وفي الحديث " كان إذا فرح غض طرفه "، أي كسره وأطرق، ولم يفتح عينيه. وإنما كان يفعل ذلك، ليكون أبعد من الأشر والمرح. أ هـ. وكعب وكلاب : حيان من تميم.


الصفحة التالية
Icon