جاءك يسعى وهو يخشى، وتتصدّى لمن استغنى( إنَّها تَذْكِرَة ) يقول: إن هذه العظة وهذه السورة تذكرة: يقول: عظة وعبرة( فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ ) يقول: فمن شاء من عباد الله ذكره، يقول: ذكر تنزيل الله ووحيه والهاء في قوله: "إنَّها" للسورة، وفي قوله: "ذَكَرَهُ" للتنزيل والوحي.( فِي صُحُفِ ) يقول: إنها تذكرة( فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ ) يعني: في اللوح المحفوظ، وهو المرفوع المطهر عند الله.
وقوله:( بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ) يقول: الصحف المكرّمة بأيدي سفرة، جمع سافر.
واختلف أهل التأويل فيهم ما هم؟ فقال بعضهم: هم كَتَبة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله:( بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ) يقول: كَتَبة.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله:( بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ) قال: الكَتَبة.
وقال آخرون: هم القرّاء.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:( فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ) قال: هم القرّاء.
وقال آخرون: هم الملائكة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس( بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ ) يعني: الملائكة.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله:( بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ ) قال: السَّفَرة: الذين يُحْصون الأعمال.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: هم الملائكة الذين يَسْفِرون بين الله ورسله بالوحي.
وسفير القوم: الذي يسعى بينهم بالصلح، يقال: سفرت بين القوم: إذا


الصفحة التالية
Icon