فَأَدْنَتْ لِيَ الأسْبَابَ حَتَّى بَلَغْتُهَا... بِنَهْضِي وَقَدْ كَادَ ارْتِقَائِي يَصُورُهَا (١)
يعني: يقطعها. وإذا كان ذلك تأويل قوله:( فصرهن )، كان في الكلام تقديم وتأخير، ويكون معناه: فخذ أربعة من الطير إليك فصِرهن = ويكون"إليك" من صلة"خذ".
* * *
وقرأ ذلك جماعة من أهل الكوفة:"فَصِرْهُنَّ إِلَيْكَ" بالكسر، بمعنى قطعهن.
وقد زعم جماعة من نحويي الكوفة أنهم لا يعرفون:"فصُرهن" ولا"فصرهن" بمعنى قطعهن، في كلام العرب -وأنهم لا يعرفون كسر"الصاد" وضمها في ذلك إلا بمعنى واحد، = وأنهما جميعًا لغتان بمعنى"الإمالة" = وأن كسر"الصاد" منها لغة في هذيل وسليم; وأنشدوا لبعض بني سليم: (٢).
وَفَرْعٍ يَصِيرُ الجِيدَ وَحْفٍ كَأَنَّهُ... عَلَى الِّليتِ قِنْوَانُ الكُرُوم الدَّوَالِح (٣)
فَنَادَيْتُ لَيْلَى، والحُمُولُ كَأَنَّهَا | مَوَاقِيرُ نَخْلٍ زَعْزَعَتْهَا دُبُورَها |
أَرَى أَنْ لا تُفِيدَكَ صُحْبَتِى | لِهَيْبَةِ أعْدَاءٍ تَلَظَّى صُدُورُهَا |
فَمَدَّتْ لِيَ الأَسْبَابَ حتَّى بَلَغْتُهَا | بِرِفْقِي، وَقَدْ كَادَ ارْتِقَائِي يَصُورُهَا |
فَلَمَّا دَخَلْتُ الخِدْرَ أَطَلَّتْ نُسُوعُهُ | وَأَطْرَافُ عِيْدَانٍ شَدِيدٍ أُسُورُهَا |
(٢) لا أعرف قائله.
(٣) معاني القرآن للفراء ١ : ١٧٤. اللسان (صير) الفرع الشعر التام الحثل، وحف أسود حسن كثير عزيز، الليت صحفة العنق. وهما الليتان، قنوان : جمع قنو (بكسر فسكون) وهو عذق النحل وما فيه من الرطب. والدوالح جمع دالح : وهو المثقل بالحمل هنا. وأصله فيما يمشي، يقال بعير دالح : إذا مشى بحمله الثقيل مشيًا غير منبسط. وكذلك السحاب دالح، أي مثقل بطيء المر. وهي استعارة جيدة محكمة.