بعضهم إنه يجوز لأنه ورد في بعض الأذكار يا إله الآلهة وهو بعيد وأما قولنا الله فسيأتي بيان أنه اسم علم لله تعالى فهل يدل هذا الاسم على هذه الصفات فنقول لا شك أن أسماء الأعلام قائمة مقام الإشارات والمعنى أنه تعالى لو كان بحيث يصح أن يشار إليه لكان هذا الاسم قائما مقام تلك الإشارة ثم اختلفوا في أن الإشارة إلى الذات المخصوصة هل تتناول الصفات فإن قالوا الإشارة لا تتناول الصفات السلبية فوجب أن لا يدل عليها لفظ الله قلنا الإشارة في حق الله إشارة عقلية منزهة عن العلائق الحسية والإشارة العقلية قد تتناول السلوب
الفصل الثامن
في الأسماء التي اختلف العقلاء فيها أنها هل هي
من أسماء الذات أو من أسماء الصفات
هذا البحث إنما ظهر من المنازعة القائمة بين أهل التشبيه وأهل التنزيه وذلك لأن أهل التشبيه يقولون الموجود إما أن يكون متحيزا وإما أن يكون حالا في ا لمتحيز أما الذي لا يكون متحيزا ولا حالا في المتحيز - فكان خارجا عن القسمين - فذاك محض العدم وأما أهل التوحيد والتقديس فيقولون أما المتحيز فهو منقسم وكل منقسم فهو محتاج فكل متحيز هو محتاج فما لا يكون محتاجا امتنع أن يكون متحيزا وأما الحال في المتحيز فهو أولى بالاحتياج فواجب الوجود لذاته يمتنع أن يكون متحيزا أو حالا في المتحيز إذا عرفت هذا الأصل فنقول ههنا ألفاظ ظواهرها مشعرة بالجسمية والحصول في الحيز والمكان فمنها العظيم وذلك لأن أهل التشبيه قالوا معناه أن ذاته أعظم في الحجمية والمقدار من العرش ومن كل ما تحت العرش ومنها الكبير وما يشتق منه وهو لفظ الأكبر ولفظ الكبرياء ولفظ المتكبر واعلم أني ما رأيت أحدا من المحققين بين الفرق بينهما إلا أن الفرق حاصل في التحقيق من وجوه الأول أنه جاء في الأخبار الإلهية أنه تعالى يقول الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فجعل الكبرياء قائما مقام الرداء والعظمة قائمة مقام الإزار ومعلوم أن الرداء أرفع درجة من الإزار فوجب أن يكون صفة الكبرياء أرفع حالا من صفة العظمة والثاني أن الشريعة فرقت بين الحالين فإن المعتاد في دين الإسلام أن يقال في تحريمة الصلاة الله أكبر ولم يقل أحد الله أعظم ولولا التفاوت لما حصلت هذه التفرقة الثالث أن الألفاظ المشتقة من الكبير مذكورة في حق الله تعالى كالأكبر والمتكبر بخلاف العظيم فإن لفظ المتعظم غير مذكور في حق الله واعلم أن الله تعالى أقام كل واحدة من هاتين اللفظتين مقام الأخرى فقال ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم البقرة ٢٥٥ وقال في آية أخرى حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير سبأ ٣٢ إذا عرفت هذا فالمباحث السابقة مشعرة بالفرق بين العظيم وبين الكبير وهاتان الآيتان مشعرتان بأنه لا فرق بينهما فهذه العقدة يجب البحث عنها فنقول - ومن الله الإرشاد


الصفحة التالية
Icon