والجواب عن الأول لم لا يجوز أن يكون ذلك جاريا مجرى أن يقال هذا زيد الذي لا نظير له في العلم والزهد والجواب عن الثاني أن الاسم العلم هو الذي وضع لتعيين الذات المعينة ولا حاجة فيه إلى كون ذلك المسمى مشارا إليه بالحس أم لا وهذا هو الجواب عن الحجة الثالثة
المسألة الثانية
الذين قالوا إنه اسم مشتق ذكروا فيه فروعا الفرع الأول أن الإله هو المعبود سواء عبد بحق أو بباطل ثم غلب في عرف الشرع على المعبود بالحق وعلى هذا التفسير لا يكون إلها في الأزل واعلم أنه تعالى هو المستحق للعبادة وذلك لأنه تعالى هو المنعم بجميع النعم أصولها وفروعها وذلك لأن الموجود إما واجب وإما ممكن والواجب واحد وهو الله تعالى وما سواه ممكن والممكن لا يوجب إلا بالمرجح فكل الممكنات إنما وجدت بإيجاده وتكوينه إما ابتداء وإما بواسطة فجميع ما حصل للعبد من أقسام النعم لم يحصل إلا من الله فثبت أن غاية الإنعام صادرة من الله والعبادة غاية التعظيم فإذا ثبت هذا فنقول إن غاية التعظيم لا يليق إلا لمن صدرت عنه غاية الإنعام فثبت أن المستحق للعبودية ليس إلا الله تعالى الفرع الثاني أن من الناس من يعبد الله لطلب الثواب وهو جهل وسخف ويدل عليه وجوه الأول أن من عبد الله ليتوصل بعبادته إلى شيء آخر كان المعبود في الحقيقة هو ذلك الشيء فمن عبد الله لطلب الثواب كان معبوده في الحقيقة هو الثواب وكان الله تعالى وسيلة إلى الوصول إلى ذلك المعبود وهذا جهل عظيم الثاني أنه لو قال أصلي لطلب الثواب أو للخوف من العقاب لم تصح صلاته الثالث أن من عمل عملا لغرض آخر كان بحيث لو وجد ذلك الغرض بطريق آخر لترك الواسطة فمن عبد الله للأجر والثواب كان بحيث لو وجد الأجر والثواب بطريق آخر لم يعبد الله ومن كان كذلك لم يكن محبا لله ولم يكن راغبا في عبادة الله وكل ذلك جهل ومن الناس من يعبد الله لغرض أعلى من الأول وهو أن يتشرف بخدمة الله لأنه إذا شرع في الصلاة حصلت النية في القلب وتلك النية عبارة عن العلم بعزة الربوبية وذلة العبودية وحصل الذكر في اللسان وحصلت الخدمة في الجوارح والأعضاء فيتشرف كل جزء من أجزاء العبد بخدمة الله فمقصود العبد حصول هذا الشرف الفرع الثالث من الناس من طعن في قول من يقول الإله هو المعبود من وجوه الأول أن الأوثان عبدت مع أنها ليست آلهة الثاني أنه تعالى إله الجمادات والبهائم مع أن صدور العبادة منها محال الثالث أنه تعالى إله المجانين والأطفال مع أنه لا تصدر العبادة عنها الرابع أن المعبود ليس له بكونه معبودا صفة لأنه لا معنى لكونه معبودا إلا أنه مذكور بذكر ذلك الإنسان ومعلوم بعلمه ومراد خدمته بإرادته وعلى هذا التقدير فلا تكون الإلهية صفة لله تعالى الخامس يلزم أن يقال إنه تعالى ما كان إلها في الأزل الفرع الرابع من الناس من قال الإله ليس عبارة عن المعبود بل الإله هو الذي يستحق أن يكون معبودا وهذا القول أيضا يرد عليه أن لا يكون إلها للجمادات والبهائم والأطفال والمجانين وأن لا يكون إلها في الأزل ومنهم من قال إنه القادر على أفعال لو فعلها لاستحق العبادة ممن يصح صدور العبادة