المؤمنون ٨٨ ولأنه هو المنعم لقوله تعالى وما بكم من نعمة فمن الله النحل ٥٣ ولأنه هو المطعم لقوله تعالى وهو يطعم ولا يطعم الأنعام ١٤ ولأنه هو الموجد لقوله تعالى قل كل من عند الله النساء ٧٨ فهو سبحانه وتعالى قهار للعدم بالوجود والتحصيل جبار لها بالقوة والفعل والتكميل فكان في الحقيقة هو الله ولا شيء سواه وههنا لطائف وفوائد الفائدة الأولى عادة المديون أنه إذا رأى صاحب الدين من البعد فإنه يفر منه والله الكريم يقول عبادي أنتم غرمائي بكثرة ذنوبكم ولكن لا تفروا مني بل أقول ففروا إلى الله الذاريات ٥٠ فإني أنا الذي أقضي ديونكم وأغفر ذنوبكم وأيضا الملوك يغلقون أبوابهم عن الفقراء دون الأغنياء وأنا أفعل ضد ذلك الفائدة الثانية قال
إن لله تعالى مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والطير والبهائم والهوام فبها يتعاطفون ويتراحمون وأخر تسعة وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة وأقول إنه إنما ذكر هذا الكلام على سبيل التفهيم وإلا فبحار الرحمة غير متناهية فكيف يعقل تحديدها بحد معين الفائدة الثالثة قال
إن الله عز وجل يقول يوم القيامة للمذنبين هل أحببتم لقائي فيقولون نعم يا رب فيقول الله تعالى ولم فيقولون رجونا عفوك وفضلك فيقول الله تعالى إني قد أوجبت لكم مغفرتي الفائدة الرابعة
قال عبد الله بن عمر قال رسول الله إن الله عز وجل ينشر على بعض عباده يوم القيامة تسعة وتسعين سجلا كل واحد منها مثل مد البصر فيقول له هل تنكر من هذا شيئا هل ظلمك الكرام الكاتبون فيقول لا يا رب فيقول الله تعالى فهل كان لك عذر في عمل هذه الذنوب فيقول لا يا رب فيضع ذلك العبد قلبه على النار فيقول الله تعالى إن لك عندي حسنة وإنه لا ظلم اليوم ثم يخرج بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فيقول العبد يا رب كيف تقع هذه البطاقة في مقابلة هذه السجلات فتوضع البطاقة في كفة والسجلات في كفة أخرى فطاشت السجلات وثقلت البطاقة ولا يثقل مع ذكر الله شيء الفائدة الخامسة وقف صبي في بعض الغزوات ينادي عليه في من يزيد في يوم صائف شديد الحر فبصرت به امرأة فعدت إلى الصبي وأخذته وألصقته إلى بطنها ثم ألقت ظهرها على البطحاء وأجلسته على بطنها تقيه الحر وقالت ابني ابني فبكى الناس وتركوا ما هم فيه فأقبل رسول الله حتى وقف عليهم فأخبروه الخبر فقال
أعجبتم من رحمة هذه بابنها فإن الله تعالى أرحم بكم جميعا من هذه المرأة بابنها فتفرق المسلمون على أعظم أنواع الفرح والبشارة المسألة الثالثة في كيفية اشتقاق هذه اللفظة بحسب اللغة قال بعضهم هذه اللفظة ليست عربية بل عبرانية أو سريانية فإنهم يقولون إلها رحمانا ومرحيانا فلما عرب جعل الله الرحمن الرحيم وهذا بعيد ولا يلزم من المشابهة الحاصلة بين اللغتين الطعن في كون هذه اللفظة عربية أصلية والدليل عليه قوله تعالى ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله لقمان ٢٥ وقال تعالى هل تعلم