فقل اللهم صل على محمد وعلى آل محمد فقيل لك إن إبراهيم هو الذي طلب من الله أن يرسل إليك مثل هذا الرسول فقال ربنا وابعث فيهم رسولا منهم البقرة ١٢٩ فما جزاؤك له فقل كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم فيقال لك فكل هذه الخيرات من محمد أو من إبراهيم أو من الله فقل بل من الحميد المجيد إنك حميد مجيد ثم إن العبد إذا ذكر الله بهذه الأثنية والمدائح ذكره الله تعالى في محافل الملائكة بدليل قوله عليه الصلاة والسلام حكاية عن الله عز وجل
إذا ذكرني عبدي في ملأ ذكرته في ملأ خير من ملئه فإذا سمع الملائكة ذلك اشتاقوا إلى هذا العبد فقال الله إن ملائكة السموات اشتاقوا إلى زيارتك وأحبوا القرب منك وقد جاؤك فأبدأ بالسلام عليهم لتحصل لك فيه مرتبة السابقين فيقول العبد عن يمينه وعن شماله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فلا جرم أنه إذا دخل الجنة الملائكة يدخلون عليه من كل باب فيقولون سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار
الفصل السادس
في الكبرياء والعظمة
أعظم المخلوقات جلالة ومهابة المكان والزمان أما المكان فهو الفضاء الذي لا نهاية له والخلاء الذي لا غاية له وأما الزمان فهو الامتداد المتوهم الخارج من قعر ظلمات عالم الأزل إلى ظلمات عالم الأبد كأنه نهر خرج من قعر جبل الأزل وامتد حتى دخل في قعر جبل الأبد فلا يعرف لانفجاره مبدأ ولا لاستقراره منزل فالأول والآخر صفة الزمان والظاهر والباطن صفة المكان وكمال هذه الأربعة الرحمن الرحيم فالحق سبحانه وسع المكان ظاهرا وباطنا ووسع الزمان أولا وآخرا وإذا كان مدبر المكان والزمان هو الحق تعالى كان منزها عن المكان والزمان إذا عرفت هذا فنقول الحق سبحانه وتعالى له عرش وكرسي فعقد المكان بالكرسي فقال وسع كرسيه السموات والأرض البقرة ٢٥٥ وعقد الزمان بالعرش فقال وكان عرشه على الماء هود ٧ لأن جري الزمان يشبه جري الماء فلا مكان وراء الكرسي ولا زمان وراء العرش فالعلو صفة الكرسي وهو قوله وسع كرسيه السموات والأرض البقرة ٢٥٥ والعظمة صفة العرش وهو قوله فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم التوبة ١٢٩ وكمال العلو والعظمة لله كما قال ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم البقرة ٢٥٥ واعلم أن العلو والعظمة درجتان من درجات الكمال إلا أن درجة العظمة أكمل وأقوى من درجة العلو وفوقهما درجة الكبرياء قال تعالى الكبرياء ردائي والعظمة إزاري ولا شك أن الرداء أعظم من الإزار وفوق جميع هذه الصفات بالرتبة والشرف صفة الجلال وهي تقدسه في حقيقته المخصوصة وهويته المعينة عن مناسبة شيء من الممكنات وهو لتلك الهوية المخصوصة استحق صفة الإلهية فلهذا المعنى قال عليه الصلاة والسلام
ألظوا بياذا الجلال والإكرام وقال ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام الرحمن ٢٧ وقال تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام الرحمن ٧٨ إذا عرفت هذا