المسألة الرابعة والثلاثون
والإشكال المذكور في المفرد غير حاصل في المركب لأن إفادة الألفاظ المفردة لمعانيها إفادة وضعية أما التركيبات فعقلية فلا جرم عند سماع تلك المفردات يعتبر العقل تركيباتها ثم يتوصل بتلك التركيبات العقلية إلى العلم بتلك المركبات فظهر الفرق
المسألة الخامسة والثلاثون
للألفاظ دلالات على ما في الأذهان لا على ما في الأعيان ولهذا السبب يقال الألفاظ تدل على المعاني لأن المعاني هي التي عناها العاني وهي أمور ذهنية والدليل على ما ذكرناه من وجهين الأول أنا إذا رأينا جسما من البعد وظنناه صخرة قلنا إنه صخرة فإذا قربنا منه وشاهدنا حركته وظنناه طيرا قلنا إنه طير فإذا ازداد القرب علمنا أنه إنسان فقلنا إنه إنسان فاختلاف الأسماء عند اختلاف التصورات الذهنية يدل على أن مدلول الألفاظ هو الصور الذهنية لا الأعيان الخارجية الثاني أن اللفظ لو دل على الموجود الخارجي لكان إذا قال إنسان العالم قديم وقال آخر العالم حادث لزم كون العالم قديما حادثا معا وهو محال أما إذا قلنا أنها دالة على المعاني الذهنية كان هذان القولان دالين على حصول هذين الحكمين من هذين الإنسانين وذلك لا يتناقض
المسألة السادسة والثلاثون
لا يمكن أن تكون جميع الماهيات مسميات بالألفاظ لأن الماهيات غير متناهية وما لا نهاية له لا يكون مشعورا به على التفصيل وما لا يكون مشعورا به امتنع وضع الاسم بإزائه
المسألة السابعة والثلاثون
كل معنى كانت الحاجة إلى التعبير عنه أهم كان وضع اللفظ بإزائه أولى مثل صيغ الأوامر والنواهي والعموم والخصوص والدليل عليه أن الحاجة إلى التعبير عنها ماسة فيكون الداعي إلى ذلك الوضع كاملا والمانع زائلا وإذا كان الداعي قويا والمانع زائلا كان الفعل به واجب الحصول
المسالة الثامنة والثلاثون
المعنى الذي يكون خفيا عند الجمهور يمتنع كونه مسمى باللفظ المشهور مثاله لفظة الحركة لفظة مشهورة وكون الجسم منتقلا من جانب إلى جانب أمر معلوم لكل أحد أما الذي يقول به بعض المتكلمين - وهو المعنى الذي يوجب ذلك الانتقال - فهو أمر خفي لا يتصورة إلا الخواص من الناس وإذا كان كذلك وجب أن يقال الحركة اسم لنفس هذا الانتقال لا للمعنى الذي يوجب الانتقال وكذلك يجب أن يكون العلم اسما لنفس العالمية والقدرة اسما للقادرية لا للمعنى الموجب للعالمية والقادرية
المسألة التاسعة والثلاثون في المعنى
المعنى اسم للصورة الذهنية لا للموجودات الخارجية لأن المعنى عبارة عن الشيء الذي عناه العاني وقصده القاصد وذاك بالذات هو الأمور الذهنية وبالعرض الأشياء الخارجية فإذا قيل إن القائل أراد بهذا اللفظ هذا المعنى فالمراد أنه قصد بذكر ذلك اللفظ تعريف ذلك الأمر المتصور المسألة الأربعون
قد يقال في بعض المعاني إنه لا يمكن تعريفها بالألفاظ مثل أنا ندرك بالضرورة تفرقة بين الحلاوة المدركة من النبات والحلاوة المدركة من الطبرزذ فيقال إنه لا سبيل إلى تعريف هذه التفرقة بحسب اللفظ وأيضا ربما اتفق حصول أحوال في نفس بعض الناس ولا يمكنه تعريف تلك الحالة بحسب التعريفات اللفظية إذا عرفت هذا فنقول أما القسم الأول فالسبب فيه أن ما به يمتاز حلاوة النبات


الصفحة التالية
Icon