خلق آخر ولزم التسلسل وثانيها أن فعل الله يستغني عن الزمان لأنه لو افتقر إلى زمان وجب أن يفتقر حدوث ذلك الزمان إلى زمان آخر ولزم التسلسل وثالثها أن فعل الله يستغني عن العرض لأن ذلك العرض إن كان قديما لزم قدم الفعل وإن كان حادثا لزم التسلسل وهو محال
المسالة الثالثة والثلاثون
اختلفوا في العامل في نصب المفعول على أربعة أقوال الأول وهو قول البصريين - أن الفعل وحده يقتضي رفع الفاعل ونصب المفعول والثاني وهو قول الكوفيين - أن مجموع الفعل والفاعل يقتضي نصب المفعول والثالث وهو قول هشام بن معاوية من الكوفيين - أن العامل هو الفاعل فقط والرابع وهو قول خلف الأحمر من الكوفيين - أن العامل في الفاعل الفاعلية وفي المفعول معنى المفعولية حجة البصريين أن العامل لا بد وأن يكون له تعلق بالمعمول وأحد الاسمين لا تعلق له بالآخر فلا يكون له فيه عمل البتة وإذا سقط لم يبق العمل إلا للفعل حجة المخالف أن العامل الواحد لا يصدر عنه أثران لما ثبت أن الواحد لا يصدر عنه إلا أثر واحد قلنا ذاك في الموجبات أما في المعرفات فممنوع واحتج خلف بأن الفاعلية صفة قائمة بالفاعل والمفعولية صفة قائمة بالمفعول ولفظ الفعل مباين لهما وتعليل الحكم بما يكون حاصلا في محل الحكم أولى من تعليله بما يكون مباينا له وأجيب عنه بأنه معارض بوجه آخر وهو أن الفعل أمر ظاهر وصفة الفاعلية والمفعولية أمر خفي وتعليل الحكم الظاهر بالمعنى الظاهر أولى من تعليله بالصفة الخفية والله أعلم
الباب السابع
في إعراب الفعل
اعلم أن قوله أعوذ يقتضي إسناد الفعل إلى الفاعل فوجب علينا أن نبحث عن هذه المسائل المسألة الأولى إذا قلنا في النحو فعل وفاعل فلا نريد به ما يذكره علماء الأصول لأنا نقول مات زيد وهو لم يفعل ونقول من طريق النحو مات فعل وزيد فاعله بل المراد أن الفعل لفظة مفردة دالة على حصول المصدر لشيء غير معين في زمان غير معين فإذا صرحنا بذلك الشيء الذي حصل المصدر له فذاك هو الفاعل ومعلوم أن قولنا حصل المصدر له أعم من قولنا بإيجاده واختياره كقولنا قام أو لا باختياره كقولنا مات فإن قالوا الفعل كما يحصل في الفاعل فقد يحصل في المفعول قلنا إن صيغة الفعل من حيث هي تقتضي حصول ذلك المصدر لشيء ما هو الفاعل ولا تقتضي حصوله للمفعول بدليل أن الأفعال اللازمة غنية عن المفعول المسألة الثانية الفعل يجب تقديمه على الفاعل لأن الفعل إثباتا كان أو نفيا يقتضي أمرا ما يكون هو مسندا إليه فحصول ماهية الفعل في الذهن يستلزم حصول شيء يسند الذهن ذلك الفعل إليه والمنتقل إليه متأخر بالرتبة عن المنتقل عنه فلما وجوب كون الفعل مقدما على الفاعل في الذهن وجب تقدمه عليه في الذكر فإن قالوا لا نجد في العقل فرقا بين قولنا ضرب زيد وبين قولنا زيد ضرب قلنا


الصفحة التالية
Icon