عليهما السلام ألف وسبعمائة سنة وألفا نبي وبين عيسى ومحمد عليهما السلام أربعة من الأنبياء ثلاثة من بني إسرائيل وواحد من العرب وهو خالد بن سنان العبسي
المسألة الرابعة الفائدة في بعثة محمد عليه الصلاة والسلام عند فترة من الرسل هي أن التغيير والتحريف قد تطرق إلى الشرائع المتقدمة لتقادم عهدها وطول زمانها وبسبب ذلك اختلط الحق بالباطل والصدق بالكذب وصار ذلك عذراً ظاهر في اعراض الخلق عن العبادات لأن لهم أن يقولوا يا إل هنا عرفنا أنه لا بدّ من عبادتك ولكنا ما عرفنا كيف نعبد فبعث الله تعالى في هذا الوقت محمداً عليه الصلاة والسلام إزالة لهذا العذر وهو أَن تَقُولُواْ مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ يعني إنما بعثنا إليكم الرسول في وقت الفترة كراهة أن تقولوا ما جاءنا في هذا الوقت من بشير ولا نذير
ثم قال تعالى فَقَدْ جَاءكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ فزالت هذه العلة وارتفع هذا العذر
ثم قال وَاللَّهُ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِيرٌ والمعنى أن حصول الفترة يوجب احتياج الخلق إلى بعثة الرسل والله تعالى قادر على كل شيء فكان قادراً على البعثة ولكا كان الخلق محتاجين إلى البعثة والرحيم الكريم قادراً على البعثة وجب في كرمه ورحمته أن يبعث الرسل إليهم فالمراد بقوله وَاللَّهُ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِيرٌ الإشارة إلى الدلالة التي قررناها
وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَة َ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَآءَ وَجَعَلَكُمْ مُّلُوكاً وَءَاتَاكُمْ مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِّن الْعَالَمِينَ
واعلم أن وجه الاتصال هو أن الواو في قوله وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ واو عطف وهو متصل بقوله وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِى إِسْراءيلَ ( المائدة ١٢ ) كأنه قيل أخذ عليهم الميثاق وذكرهم موسى نعم الله تعالى وأمرهم بمحاربة الجبارين فخالفوا في القول في الميثاق وخالفوه في محاربة الجبارين وفي الآية مسائل
المسألة الأولى أنه تعالى منّ عليهم بأمور ثلاثة أولها قوله إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاء لأنه لم يبعث في أمة ما بعث في بني إسرائيل من الأنبياء فمنهم السبعون الذين اختارهم موسى من قومه فانطلقوا معه إلى الجبل وأيضاً كانوا من أولاد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم وهؤلاء الثلاثة بالاتفاق كانوا من أكابر الأنبياء وأولاد يعقوب أيضاً كانوا على قول الأكثرين أنبياء والله تعالى أعلم موسى أنه لا يبعث الأنبياء إلاّ من ولد بعقوب ومن ولد إسماعيل فهذا الشرف حصل بمن مضى من الأنبياء وبالذين كانوا حاضرين مع موسى وبالذين أخبر الله موسى أنه سيبعثهم من ولد يعقوب وإسماعيل بعد ذلك ولا شك أنه شرف عظيم وثانيها قوله وَجَعَلَكُمْ مُّلُوكاً وفيه وجوه أحدها قال السدي يعني وجعلكم أحراراً تملكون أنفسكم بعد ما


الصفحة التالية
Icon