والجواب أنا بينا أن منهم من قال الداخل في التمني هو مجرد قوله لَنَا أَوْ نُرَدُّ أما الباقي فهو إخبار ومنهم من قال بل الكل داخل في التمني لأن إدخال التكذيب في التمني أيضاً جائز لأن التمني يدل على الاخبار على سبيل الضمن والصيرورة كقول القائل ليت زيداً جاءنا فكنا نأكل ونشرب ونتحدث فكذا ههنا والله أعلم
وَقَالُوا إِنْ هِى َ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ
اعلم أنه حصل في الآية قولان الأول أنه تعالى ذكر في الآية الأولى أنه بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل فبين في هذه الآية أن ذلك الذي يخفونه هو أمر المعاد والحشر والنشر وذلك لأنهم كانوا ينكرونه ويخفون صحته ويقولون ما لنا إلا هذه الحياة الدنيوية وليس بعد هذه الحياة لا ثواب ولا عقاب والثاني أن تقدير الآية ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه ولأنكروا الحشر والنشر وقالوا إِنْ هِى َ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ
وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَاذَا بِالْحَقِّ قَالُواْ بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ العَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ
فيه مسائل
المسألة الأولى اعلم أنه تعالى لما حكى عنهم في الآية الأولى إنكارهم للحشر والنشر والبعث والقيامة بيّن في هذه الآية كيفية حالهم في القيامة فقال وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى رَبّهِمْ واعلم أن جماعة من المشبهة تمسكوا بهذه الآية وقالوا ظاهر هذه الآية يدل على أن أهل القيامة يقفون عند الله وبالقرب منه وذلك يدل على كونه تعالى بحث يحضر في مكان تارة ويغيب عنه تارة أخرى
واعلم أن هذا خطأ وذلك لأن ظاهر الآية يدل على كونهم وافقين على الله تعالى كما يقف أحدنا على الأرض وذلك يدل على كونه مستعلياً على ذات الله تعالى وأنه بالاتفاق باطل فوجب المصير إلى التأويل وهو من وجوه
التأويل الأول هو أن يكون المراد وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى ما وعدهم ربهم من عذاب الكافرين وثواب المؤمنين وعلى ما أخبرهم به من أمر الآخر
التأويل الثاني أن المراد من هذا الوقوف المعرفة كما يقول الرجل لغيره وفقت على كلامك أي عرفته
التأويل الثالث أن يكون المراد أنهم وقفوا لأجل السؤال فخرج الكلام مخرج ما جرت به العادة


الصفحة التالية
Icon