بيمينه على فخذ أبي بكر وقال ( أبشر بنصر الله ولقد رأيت في منامي جبريل يقدم الخيل ) وهذا يدل على أنه لا غرض من إنزالهم إلا حصول هذه البشرى وذلك ينفي إقدامهم على القتال
ثم قال تعالى وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ والمقصود التنبيه على أن الملائكة وإن كانوا قد نزلوا في موافقة المؤمنين إلا أن الواجب على المؤمن أن لا يعتمد على ذلك بل يجب أن يكون اعتماده على إغاثة الله ونصره وهدايته وكفايته لأجل أن الله هو العزيز الغالب الذي لا يغلب والقاهر الذي لا يقهر والحكيم فيما ينزل من النصرة فيضعها في موضعها
إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَة ً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَآءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الاٌّ قْدَامَ إِذْ يُوحِى رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَة ِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ ءَامَنُواْ سَأُلْقِى فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ ذالِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ
وفيه مسائل
المسألة الأولى قال الزجاج إِذْ موضعها نصب على معنى وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى ( آل عمران ١٢٦ ) في ذلك الوقت ويجوز أيضاً أن يكون التقدير اذكروا إذ يغشيكم النعاس أمنة
المسألة الثانية في يغشاكم ثلاث قراآت الأولى قرأ نافع بضم الياء وسكون الغين وتخفيف الشين يُغَشّيكُمُ النُّعَاسَ بالنصب الثانية يغشاكم بالألف وفتح الياء وسكون العين يُغَشّيكُمُ النُّعَاسَ بالرفع وهي قراءة أبي عمرو وابن كثير الثالثة قرأ الباقون يُغَشّيكُمُ بتشديد الشين وضم الياء من التغشية النُّعَاسَ بالنصب أي يلبسكم النوم قال الواحدي القراءة الأولى من أغشى والثانية من غشي والثالثة من غشي فمن قرأ يغشاكم فحجته قوله الْغَمّ أَمَنَة ً نُّعَاساً يعني فكما أسند الفعل هناك إلى النعاس والأمنة التي هي سبب النعاس كذلك في هذه الآية ومن قرأ يُغَشّيكُمُ أو يُغَشّيكُمُ فالمعنى واحد وقد جاء التنزيل بهما في قوله تعالى فَأغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ ( ي س ٩ ) وقال فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى ( النجم ٥٤ ) وقال كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ وعلى هذا فالفعل مسند إلى الله
المسألة الثالثة أنه تعالى لما ذكر أنه استجاب دعاءهم ووعدهم بالنصر فقال وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ ذكر عقيبه وجوه النصر وهي ستة أنواع الأول قوله إِذْ يُغَشّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَة ً مّنْهُ أي من قبل الله


الصفحة التالية
Icon