وأن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون ) وقال قتادة صدق الله ربنا ما جعلنا خلفاء إلا لينظر إلى أعمالنا فأروا الله من أعمالكم خيراً بالليل والنهار
المسألة الثالثة قال الزجاج موضع كَيْفَ نصب بقوله تَعْمَلُونَ لأنها حرف لاستفهام والاستفهام لا يعمل فيه ما قبله ولو قلت لننظر خيراً تعملون أم شراً كان العالم في خير وشر تعملون
وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ ءَايَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا ائْتِ بِقُرْءَانٍ غَيْرِ هَاذَآ أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِى أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَآءِ نَفْسِى إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَى َّ إِنِّى أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّى عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ
فيه مسائل
المسألة الأولى اعلم أن هذا الكلام هو النوع الثالث من شبهاتهم وكلماتهم التي ذكروها في الطعن في نبوة النبي ( ﷺ ) حكاها الله تعالى في كتابه وأجاب عنها
واعلم أن من وقف على هذا الترتيب الذي نذكره علم أن القرآن مرتب على أحسن الوجوه
المسألة الثانية روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن خمسة من الكفار كانوا يستهزئون بالرسول عليه الصلاة والسلام وبالقرآن الوليد بن المغيرة المخزومي والعاص بن وائل السهمي والأسود بن المطلب والأسود بن عبد يغوث والحرث بن حنظلة فقتل الله كل رجل منهم بطريق آخر كما قال إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِءينَ ( الحجر ٩٥ ) فذكر الله تعالى أنهم كلما تلي عليهم آيات قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا ائْتِ بِقُرْءانٍ غَيْرِ هَاذَا أَوْ بَدّلْهُ وفيه بحثان
البحث الأول أن وصفهم بأنهم لا يرجون لقاء الله أريد به كونهم مكذبين بالحشر والنشر منكرين للبعث والقيامة ثم في تقرير حسن هذه الاستعارة وجوه الأول قال الأصم لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا أي لا يرجون في لقائنا خيراً على طاعة فهم من السيئات أبعد أن يخافوها الثاني قال القاضي الرجاء لا يستعمل إلا في المنافع لكنه قد يدل على المضار من بعض الوجوه لأن من لا يرجو لقاء ما وعد ربه من الثواب وهو القصد بالتكليف لا يخاف أيضاً ما يوعده به من العقاب فصار ذلك كناية عن جحدهم للبعث والنشور
واعلم أن كلام القاضي قريب من كلام الأصم إلا أن البيان التام أن يقال كل من كان مؤمناً بالبعث والنشور فإنه لا بد وأن يكون راجياً ثواب الله وخائفاً من عقابه وعدم اللازم يدل على عدم الملزوم فلزم من نفي الرجاء نفي الإيمان بالبعث فهذا هو الوجه في حسن هذه الاستعارة
البحث الثاني أنهم طلبوا من رسول الله ( ﷺ ) أحد أمرين على البدل فالأول أن يأتيهم بقرآن غير هذا


الصفحة التالية
Icon