وخط متوسط بينهما على كيفية متوسطة فيكون في موضع شتاء دائم يكون فيه الهواء والعجاجة وفي موضع آخر صيف دائم يوجب الاحتراق وفي موضع آخر ربيع أو خريف لا يتم فيه النضج ولو لم يكن عودات متتالية وكانت الكواكب تتحرك بطيئاً لكان الميل قليل المنفعة وكان التأثير شديد الأفراط وكان يعرض قريباً مما لم يكن ميل ولو كانت الكواكب أسرع حركة من هذه لما كملت المنافع وما تمت فأما إذا كان هناك ميل يحفظ الحركة في جهة مدة ثم تنتقل إلى جهة أخرى بمقدار الحاجة وتبقى في كل جهة برهة من الدهر تم بذلك تأثيره وكثرت منفعته فسبحان الخالق المدبر بالحكمة البالغة والقدرة الغير المتناهية هذا أما القمر وهو المسمى بآية الليل فاعلم أنه سبحانه وتعالى جعل طلوعه وغيبته مصلحة وجعل طلوعه في وقت مصلحة وغروبه في وقت آخر مصلحة أما غروبه ففيه نفع لمن هرب من عدوه فيستره الليل يخفيه فلا يلحقه طالب فينجو ولولا الظلام لأدركه العدو وهو المراد من قول المتنبي فوكم لظلام الليل عندي من يد
تخبر أن المانوية تكذب
وأما طلوعه ففيه نفع لمن ضل عنه شيء أخفاه الظلام وأظهره القمر ومن الحكايات أن أعرابياً نام عن جمله ليلاً ففقده فلما طلع القمر وجده فنظر إلى القمر وقال إن الله صورك ونورك وعلى البروج دورك فإذا شاء نورك وإذا شاء كورك فلا أعلم مزيداً أسأله لك ولئن أهديت إليّ سروراً لقد أهدى الله إليك نوراً ثم أنشأ يقول فماذا أقول وقولي فيك ذو قصر
وقد كفيتني التفصيل والجملا
إن قلت لا زلت مرفوعا فأنت كذا
أو قلت زانك ربي فهو قد فعلا
ولقد كان في العرب من يذم القمر ويقول القمر يقرب الأجل ويفضح السارق ويدرك الهارب ويهتك العاشق ويبلي الكتان ويهرم الشبان وينسى ذكر الأحباب ويقرب الدين ويدني الحين وكان فيهم أيضاً من يفضل القمر على الشمس من وجوه أحدها أن القمر مذكر والشمس مؤنث لكن المتنبي طعن فيه بقوله ففما التأنيث لاسم الشمس عيب
ولا التذكير فخر للهلال
وثانيها أنهم قالوا القمران فجعلوا الشمس تابعة للقمر ومنهم من فضل الشمس على القمر بأن الله تعالى قدمها على القمر في قوله الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ ( الرحمن ) والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها ( الشمس ٢١ ) إلا أن هذه الحجة منقوضة بقوله ( الشمس ٢١ ) إلا أن هذه الحجة منقوضة بقوله فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ ( التغابن ٢ ) وقال لاَ يَسْتَوِى أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّة ِ ( الحشر ٢٠ ) وقال خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَواة َ ( الملك ٢ ) وقال إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ( الشرح ٦ ) وقال فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ الآية أما النجوم ففيها منافع المنفعة الأولى كونها رجوماً للشياطين والثانية معرفة القبلة بها والثالثة أن يهتدي بها المسافر في البر والبحر قال تعالى وَهُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِى ظُلُمَاتِ الْبَرّ وَالْبَحْرِ ( الأنعام ٩٧ ) ثم النجوم على ثلاثة أقسام غاربة لا تطلع كالكواكب الجنوبية وطالعة لا تغرب كالشمالية ومنها ما يغرب تارة ويطلع أخرى وأيضاً منها ثوابت ومنها سيارات ومنها شرقية ومنها غربية والكلام فيها طويل أما الذي تدعيه الفلاسفة من معرفة الأجرام والأبعاد


الصفحة التالية
Icon