في معنى الناس والحجارة وحصب جهنم في معنى وقودها ولما اعتقد الكفار في حجارتهم المعبودة من دون الله أنها الشفعاء والشهداء الذين يستشفعون بهم ويستدفعون المضار عن أنفسهم تمسكاً بهم وجعلها الله عذابهم فقرنهم بها محماة في نار جهنم إبلاغاً وإغراباً في تحسرهم ونحوه ما يفعله بالكافرين الذين جعلوا ذهبهم وفضتهم عدة وذخيرة فشحوا بها ومنعوها من الحقوق حيث يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباهم وجنوبهم وظهورهم وقيل هي حجارة الكبريت وهو تخصيص بغير دليل بل فيه ما يدل على فساده وذلك لأن الغرض ههنا تعظيم صفة هذه النار والإيقاد بحجارة الكبريت أمر معتاد فلا يدل الإيقاد بها على قوة النار أما لو حملناه على سائر الأحجار دل ذلك على عظم أمر النار فإن سائر الأحجار تطفأ بها النيران فكأنه قال تلك النيران بلغت لقوتها أن تتعلق في أول أمرها بالحجارة التي هي مطفئة لنيران الدنيا أما قوله أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ فإنه يدل على أن هذه النار الموصوفة معدة للكافرين وليس فيه ما يدل على أن هناك نيراناً أخرى غير موصوفة بهذه الصفات معدة لفساق أهل الصلاة
الكلام في المعاد
وَبَشِّرِ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَة ٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَاذَا الَّذِى رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَة ٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
اعلم أنه سبحانه وتعالى لما تكلم في التوحيد والنبوة تكلم بعدهما في المعاد وبين عقاب الكافر وثواب المطيع ومن عادة الله تعالى أنه إذا ذكر آية في الوعيد أن يعقبها بآية في الوعد وههنا مسائل
المسألة الأولى اعلم أن مسألة الحشر والنشر من المسائل المعتبرة في صحة الدين والبحث عن هذه المسألة إما أن يقع عن إمكانها أو عن وقوعها أما الإمكان فيجوز إثباته تارة بالعقل وبالنقل أخرى وأما الوقوع فلا سبيل إليه إلا بالنقل وإن الله ذكر هاتين المسألتين في كتابه وبين الحق فيهما من وجوه الوجه الأول أن كثيراً ما حكى عن المنكرين إنكار الحشر والنشر ثم إنه تعالى حكم بأنه واقع كائن من غير ذكر الدليل فيه وإنما جاز ذلك لأن كل ما لا يتوقف صحة نبوة الرسول ( ﷺ ) عليه أمكن إثباته بالدليل النقلي وهذه المسألة كذلك فجاز إثباتها بالنقل مثاله ما حكم ههنا بالنار للكفار والجنة للأَبرار وما أقام عليه دليلاً بل اكتفى بالدعوى وأما في إثبات الصانع وإثبات النبوة فلم يكتف فيه بالدعوى بل ذكر فيه الدليل وسبب الفرق ما ذكرناه وقال في سورة النحل وَأَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللَّهُ مَن يَمُوتُ بَلَى عَلَيْهِ حَقّا


الصفحة التالية
Icon