الجملتين مصدرتين به أحماد عظيم لأمر المؤمنين وا عتداد بعلمهم أنه الحق وذم عظيم للكافرين على ما قالوه وذكروه
المسألة العاشرة ( الحق ) الثابت الذي لا يسوغ إنكاره يقال حق الأمر إذا ثبت ووجب وحقت كلمة ربك وثوب محقق محكم النسج
المسألة الحادية عشرة ( ماذا ) فيه وجهان أن يكون ذا اسماً موصولاً بمعنى الذي فيكون كلمتين وأن يكون ذا مركبة مع ما مجعولين اسماً واحداً فيكون كلمة واحدة فهو على الوجهين الأول مرفوع المحل على الابتداء وخبره ذا مع صلته وعلى الثاني منصوب المحل في حكم ما وحده كما لو قلت ما أراد الله
المسألة الثانية عشرة الإرادة ماهية يجدها العاقل من نفسه ويدرك التفرقة ا لبديهية بينها وبين علمه وقدرته وألمه ولذته وإذا كان الأمر كذلك لم يكن تصور ماهيتها محتاجاً إلى التعريف وقال المتكلمون إنها صفة تقتضي رجحان أحد طرفي الجائز على الآخر لا في الوقوع بل في الإيقاع واحترزنا بهذا القيد الأخير عن القدرة واختلفوا في كونه تعالى مريداً مع اتفاق المسلمين على إطلاق هذا اللفظ على الله تعالى فقال النجارية إنه معنى سلبي ومعناه أنه غير مغلوب ولا مستكره ومنهم من قال إنه أمر ثبوتي وهؤلاء اختلفوا فقال الجاحظ والكعبي وأبو الحسن البصري معناه علمه تعالى باشتماله الفعل على المصلحة أو المفسدة ويسمون هذا العلم بالداعي أو الصارف وقال أصحابنا وأبو علي وأبو هاشم وأتباعهما إنه صفة زائدة على العلم ثم القسمة في تلك الصفة إما أن تكون ذاتية وهو القول الثاني للنجارية وإما أن تكون معنوية وذلك المعنى إما أن يكون قديماً وهو قول الأشعرية أو محدثاً وذلك المحدث إما أن يكون قائماً بالله تعالى وهو قول الكرامية أو قائماً بجسم آخر وهذا القول لم يقل به أحد أو يكون موجوداً لا في محل وهو قول أبي علي وأبي هاشم وأتباعهما
المسألة الثالثة عشرة الضمير في ( أنه الحق ) للمثل أو لأن يضرب وفي قولهم ماذا أراد الله بهذا استحقار كما قالت عائشة رضي الله عنها في عبد الله بن عمرو بن العاص يا عجبا لابن عمرو هذا
المسألة الرابعة عشرة ( مثلاً ) نصب على التمييز كقولك لمن أجاب بجواب غث ماذا أردت بهذا جواباً ولمن حمل سلاحاً رديئاً كيف تنتفع بهذا سلاحاً أو على الحال كقوله هَاذِهِ نَاقَة ُ اللَّهِ لَكُمْ ءايَة ً
المسألة الخامسة عشرة اعلم أن الله سبحانه وتعالى لما حكي عنهم كفرهم واستحقارهم كلام الله بقوله مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَاذَا مَثَلاً أجاب عنه بقوله يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا ونريد أن نتكلم ههنا في الهداية والإضلال ليكون هذا الموضع كالأصل الذي يرجع إليه في كل ما يجيء في هذا المعنى من الآيات فنتكلم أولاً في الإضلال فنقول إن الهمزة تارة تجيء لنقل الفعل من غير المتعدي إلى التعدي كقولك خرج فإنه غير متعدٍ فإذا قلت أخرج فقد جعلته معتدياً وقد تجيء لنقل الفعل من المتعدي إلى غير المتعدي كقولك كببته فأكب وقد تجيء لمجرد الوجدان حكي عن عمرو بن معد يكرب أنه قال لبني سليم قاتلناكم فما أجبناكم وهاجيناكم فما أفحمناكم وسألناكم فما أبخلناكم أي فما وجدناكم جبناء


الصفحة التالية
Icon