السفلى أقدامهم والمارقة من السماء العليا أعناقهم والخارجة من الأقطار أركانهم والمناسبة لقوائم العرش أكتافهم ناكسة دونه أبصارهم متلفعون بأجنحتهم مضروبة بينهم وبين من دونهم حجب العزة وأستار القدرة لا يتوهمون ربهم بالتصوير ولا يجرون عليه صفات المصنوعين ولا يحدونه بالأماكن ولا يشيرون إليه بالنظائر
المسألة الخامسة اختلفوا في أن المراد من قوله وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَة ِ إِنّي جَاعِلٌ فِى الارْضِ خَلِيفَة ً كل الملائكة أو بعضهم فروى الضحاك عن ابن عباس أنه سبحانه وتعالى إنما قال هذا القول للملائكة الذين كانوا محاربين مع إبليس لأن الله تعالى لما أسكن الجن الأرض فأفسدوا فيها وسفكوا الدماء وقتل بعضهم بعضاً بعث الله إبليس في جند من الملائكة فقتلهم إبليس بعسكره حتى أخرجوهم من الأرض وألحقوهم بجزائر البحر فقال تعالى لهم إِنّي جَاعِلٌ فِى الارْضِ خَلِيفَة ً وقال الأكثرون من الصحابة والتابعين أنه تعالى قال ذلك لجماعة الملائكة من غير تخصيص لأن لفظ الملائكة يفيد العموم فيكون التخصيص خلاف الأصل
المسألة السادسة جاعل من جعل الذي له مفعولان دخل على المبتدأ والخبر وهما قوله فِى الارْضِ خَلِيفَة ً فكانا مفعولين ومعناه مصير في الأرض خليفة
المسألة السابعة الظاهر أن الأرض التي في الآية جميع الأرض من المشرق إلى المغرب وروى عبد الرحمن بن سابط عن النبي ( ﷺ ) أنه قال دحيت الأرض من مكة وكانت الملائكة تطوف بالبيت وهم أول من طاف به وهو في الأرض التي قال الله تعالى إِنّي جَاعِلٌ فِى الارْضِ خَلِيفَة ً والأول أقرب إلى الظاهر
المسألة الثامنة الخليفة من يخلف غيره ويقوم مقامه قال الله تعالى ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِى الاْرْضِ ( يونس ١٤ ) وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء ( الأعراف ٦٩ ) فأما أن المراد بالخليفة من ففيه قولان أحدهما أنه آدم عليه السلام وقوله أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا المراد ذريته لا هو والثاني أنه ولد آدم أما الذين قالوا المراد آدم عليه السلام فقد اختلفوا في أنه تعالى لم سماه خليفة وذكروا فيه وجهين الأول بأنه تعالى لما نفى الجن من الأرض وأسكن آدم الأرض كان آدم عليه السلام خليفة لأولئك الجن الذين تقدموه يروى ذلك عن ابن عباس الثاني إنما سماه الله خليفة لأنه يخلف الله في الحكم بين المكلفين من خلقه وهو المروي عن ابن مسعود وابن عباس والسدي وهذا الرأي متأكد بقوله إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَة ً فِى الاْرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقّ ( ص ٢٦ ) أما الذين قالوا المراد ولد آدم فقالوا إنما سماهم خليفة لأنهم يخلف بعضهم بعضاً وهو قول الحسن ويؤكده قوله وَهُوَ الَّذِى جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الاْرْضِ والخليفة اسم يصلح للواحد والجمع كما يصلح للذكر والأنثى وقرىء خليقة بالقاف فإن قيل ما الفائدة في أن قال الله تعالى للملائكة إِنّي جَاعِلٌ فِى الارْضِ خَلِيفَة ً مع أنه منزه عن الحاجة إلى المشورة والجواب من وجهين الأول أنه تعالى علم أنهم إذا اطلعوا على ذلك السر أوردوا عليه ذلك السؤال فكانت المصلحة تقتضي إحاطتهم بذلك الجواب فعرفهم هذه الواقعة لكي يوردوا ذلك السؤال ويسمعوا ذلك الجواب الوجه الثاني أنه تعالى علم عباده المشاورة وأما قوله تعالى قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا إلى آخر الآية ففيه مسائل
المسألة الأولى الجمهور الأعظم من علماء الدين اتفقوا على عصمة كل الملائكة عن جميع الذنوب ومن الحشوية من خالف في ذلك ولنا وجوه


الصفحة التالية
Icon