أفراد الماهية لأنه لو ثبت فرد من أفراد الماهية لثبتت الماهية وذلك يناقض نفي الماهية ولهذا السر كان قولنا ( لا إله إلا الله ) نفياً لجميع الآلهة سوى الله تعالى وأما قولنا ( لا ريب فيه ) بالرفع فهو نقيض لقولنا ( ريب فيه ) وهو يفيد ثبوت فرد واحد فذلك النفي يوجب انتفاء جميع الأفراد ليتحقق التناقض
الوقف على ( فيه )
المسألة الثانية الوقف على فِيهِ هو المشهور وعن نافع وعاصم أنهما وقفا على لاَ رَيْبَ ولا بدّ للواقف من أن ينوي خبراً ونظيره قوله قَالُواْ لاَ ضَيْرَ وقول العرب لا بأس وهي كثيرة في لسان أهل الحجاز والتقدير لاَ رَيْبَ فِيهِ فِيهِ هُدًى واعلم أن القراءة الأولى أولى لأن على القراءة الأولى يكون الكتاب نفسه هدى وفي الثانية لا يكون الكتاب نفسه هدى بل يكون فيه هدى والأول أولى لما تكرر في القرآن من أن القرآن نور وهدى والله أعلم
حقيقة الهدى
قوله تعالى هُدًى لّلْمُتَّقِينَ فيه مسائل
المسألة الأولى في حقيقة الهدى الهدى عبارة عن الدلالة وقال صاحب الكشاف الهدى هو الدلالة الموصلة إلى البغية وقال آخرون الهدى هو الاهتداء والعلم والذي يدل على صحة القول الأول وفساد القول الثاني والثالث أنه لو كان كون الدلالة موصلة إلى البغية معتبراً في مسمى الهدى لامتنع حصول الهدى عند عدم الاهتداء لأن كون الدلالة موصلة إلى الاهتداء حال عدم الاهدتاء محال لكنه غير ممتنع بدليل قوله تعالى وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّواْ الْعَمَى عَلَى الْهُدَى أثبت الهدى مع عدم الاهتداء ولأنه يصح في لغة العرب أن يقال هديته فلم يهتد وذلك يدل على قولنا واحتج صاحب الكشاف بأمور ثلاثة أولها وقوع الضلالة في مقابلة الهدى قال تعالى أُوْلَائِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلَالَة َ بِالْهُدَى ( البقرة ١٦ ) وقال لَعَلَى هُدًى أو فِى ضَلَالٍ مُّبِينٍ ( الأعراف ٦٠ ) وثانيها يقول مهدي في موضع المدح كمهتدي فلو لم يكن من شرط الهدى كون الدلالة موصلة إلى البغية لم يكن الوصف بكونه مهدياً مدحاً لاحتمال أنه هدى فلم يهتد وثالثها أن اهتدى مطاوع هدى يقال هديته فاهتدى كما يقال كسرته فانكسر وقطعته فانقطع فكما أن الإنكسار والانقطاع لا زمان للكسر والقطع وجب أن يكون الاهتداء من لوازم الهدى والجواب عن الأول أن الفرق بين الهدى وبين الاهتداء معلوم بالضرورة فمقابل الهدى هو الإضلال ومقابل الاهتداء هو الضلال فجعل الهدى في مقابلة الضلال ممتنع وعن الثاني أن المنتفع بالهدى سمي مهدياً وغير منتفع به لا يسمى مهدياً ولأن الوسيلة إذا لم تفض إلى المقصود كانت نازلة منزلة المعدوم وعن الثالث أن الائتمار مطاوع الأمر يقال أمرته فائتمر ولم يلزم منه أن يكون من شرط كونه آمراً حصول الائتمار فكذا هذا لا يلزم من كونه هدى أن يكون مفضياً إلى الاهتداء على أنه معارض بقوله هديته فلم يهتد ومما يدل على فساد قول من قال الهدى هو العلم خاصة أن الله تعالى وصف القرآن بأنه هدى ولا شك أنه في نفسه ليس بعلم فدل على أن الهدى هو الدلالة لا الاهتداء والعلم
معنى المتقي


الصفحة التالية
Icon