لغيرهم من المؤمنين قال آدم ربنا ظلمنا أنفسنا الأعراف ٢٣ وقال نوح عليه السلام رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا نوح ٢٨ وقال إبراهيم عليه السلام رب اغفر لي ولوالدي نوح ٢٨ وقال رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين الشعراء ٨٣ وقال موسى رب اغفر لي ولأخي الأعراف ١٥١ وقال الله تعالى لمحمد ( ﷺ ) استغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات محمد ١٩ وقال ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر الفتح ٢ أما الملائكة فإنهم لم يستغفروا لأنفسهم ولكنهم طلبوا المغفرة للمؤمنين من البشر يدل عليه تعالى حكاية عنهم فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم غلفر ٧ وقال ويستغفرون للذيم آمنوا غافر ٧ فلو كانوا محتاجين إلى الاستغفار لبدأوا في ذلك بأنفسهم لأن دفع الضرر عن النفس مقدم على دفع الضرر عن الغير وقال عليه الصلاة والسلام ﴿ ابدأ بنفسك ثم بمن تعول ﴾ وهذا يدل على أن الملك أفضل من البشر ولقائل أن يقول هذا الوجه لا يدل على أن الملائكة لم يصدر عنهم الزلة البتة وأن البشر قد صدرت الزلات عنهم لكنا بينا فيما تقدم أن التفاوت في ذلك لا يوجب التفاوت في الفضيلة ومن الناس من قال استغفارهم للبشر كالعذر عمن طعنوا فيهم بقولهم أتجعل فيها من يفسد فيها
الحجة الثالثة عشرة قوله تعالى وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين الانفطار ١١ وهذا عام في حق جميع المكلفين من بني آدم فدخل فيه الأنبياء غيرهم وهذا يقتضي كونهم أفضل من البشر لوجهين الأول أنه تعالى جعلهم لبني آدم والحافظ للمكلف من المعصية لا بد وأن يكون أبعد عن الخطأ والزلل من المحفوظ وذلك يقتضي كونهم أبعد عن المعاصي وأقرب إلى الطاعات من البشر وذلك يقتضي مزيد الفضل والثاني أنه سبحانه وتعالى جعل كتابتهم حجة للبشر في الطاعات وعليهم في المعاصي وذلك يقتضي أن يكون قولهم أولى بالقبول من قول البشر ولو كان البشر أعظم حالا منهم لكان الأمر بالعكس ولقائل أن يقول أما قوله الحافظ يجب أن يكون أكرم من المحفوظ فهذا بعيد فإن الملك قد يوكل بعض عبيده على ولده ولا يلزم أن يكون الحافظ أشرف من المحفوظ هناك أما قوله جعل شهادتهم نافذة على البشر فضعيف لأن الشاهد قد يكون أدون حالا من المشهود عليه
الحجة الرابعة عشرة قوله تعالى يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا النبأ ٣٨ والمقصود من ذكر أحوالهم المبالغة في شرح عظمة الله تعالى وجاله ولو كان في الخلق طائفة أخرى قيامهم وتضرعهم أقوى من الإنباء عن عظمة الله وكبريائه من قيامهم لكان ذكرهم أولى في هذا المقام ثم كما أنه سبحانه بين عظمة ذاته في الآخرة بذكر الملائكة فكا بين عظمته في الدنيا بذكر الملائكة وهو قوله وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم الزمر ٧٥ ولقائل أن يقول كل ذلك يدل على أنهم أزيد حالا من البشر في بعض الأمور فلم يجوز أن تلك الحالة هي قوتهم وشدتهم وبطشهم وهذا كما يقال إن السلطان لما جلس وقف حول سريره ملوك أطراف العالم خاضعين خاشعين فإن عظمة السلطان إنما تشرح بذلك ثم إن هذا لا يدل على أنهم أكرم عند السلطان من ولده فكذا ههنا
الحجة الخامسة عشرة قوله تعالى والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله البقرة ٢٨٥


الصفحة التالية
Icon