إلى محمد ( ﷺ ) التاسع كل واحد من هذه الحروف يدل على فعل من الأفعال فالألف معناه ألف الله محمداً فبعثه نبياً واللام أي لامه الجاحدون والميم أي ميم الكافرون غيظوا وكبتوا بظهور الحق وقال بعض الصوفية الألف معناه أنا واللام معناه لي والميم معناه مني العاشر ما قاله المبرد واختاره جمع عظيم من المحققين إن الله تعالى إنما ذكرها احتجاجاً على الكفار وذلك أن الرسول ( ﷺ ) لما تحداهم أن يأتوا بمثل القرآن أو بعشر سور أو بسورة واحدة فعجزوا عنه أنزلت هذه الحروف تنبيهاً على أن القرآن ليس إلا من هذه الحروف وأنتم قادرون عليها وعارفون بقوانين الفصاحة فكان يجب أن تأتوا بمثل هذا القرآن فلما عجزتم عنه دل ذلك على أنه من عند الله لا من البشر الحادي عشر قال عبد العزيز بن يحيى إن الله تعالى إنما ذكرها لأن في التقدير كأنه تعالى قال اسمعوها مقطعة حتى إذا وردت عليكم مؤلفة كنتم قد عرفتموها قبل ذلك كما أن الصبيان يتعلمون هذه الحروف أولاً مفردة ثم يتعلمون المركبات الثاني عشر قول ابن روق وقطرب إن الكفار لما قالوا ( لا تسمعوا لهذاالقرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون ) وتواصلوا بالأعراض عنه أراد الله تعالى لما أحب من صلاحهم ونفعهم أن يورد عليهم ما لا يعرفونه ليكون ذلك سبباً لإسكاتهم واستماعهم لما يرد عليهم من القرآن فأنزل الله تعالى عليهم هذه الحروف فكانوا إذا سمعوها قالوا كالمتعجبين اسمعوا إلى ما يجيء به محمد عليه السلام فإذا أصغوا هجم عليهم القرآن فكان ذلك سبباً لاستماعهم وطريقاً إلى انتفاعهم الثالث عشر قول أبي العالية إن كل حرف منها في مدة أقوام وآجال آخرين قال ابن عباس رضي الله عنه مر أبو ياسر بن أخطب برسول الله ( ﷺ ) وهو يتلو سورة البقرة الم ذالِكَ الْكِتَابُ ( البقرة ١ ٢ ) ثم أتى أخوه حيى بن أخطب وكعب بن الأشرف فسألوه عن آلم وقالوا ننشدك الله الذي لا إله إلا هو أحق أنها أتتك من السماء فقال النبي ( ﷺ ) ( نعم كذلك نزلت ) فقال حيى إن كنت صادقاً إني لأَعلم أجل هذه الأمة من السنين ثم قال كيف ندخل في دين رجل دلت هذه الحروف بحساب الجمل على أن منتهى أجل أمته إحدى وسبعون سنة فضحك النبي ( ﷺ ) فقال حيى فهل غير هذا فقال نعم المص فقال يحيى هذا أكثر من الأول هذا مائة وإحدى وستون سنة فهل غير هذا قال نعم الر فقال حيى هذا أكثر من الأولى والثانية فنحن نشهد إن كنت صادقاً ما ملكت أمتك إلا مائتين وإحدى وثلاثين سنة فهل غير هذا فقال نعم المر قال حيى فنحن نشهد أن من الذين لا يؤمنون ولا ندري بأي أقوالك نأخذ فقال أبو ياسر أما أنا فاشهد على أن أنبياءنا قد أخبرونا عن ملك هذه الأمة ولم يبينوا أنها كم تكون فإن كان محمد صادقاً فيما يقول إني لأراه يستجمع له هذا كله فقام اليهود وقالوا اشتبه علينا أمرك كله فلا ندري أبالقليل نأخذ أم بالكثير فذلك قوله تعالى هُوَ الَّذِى أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ ( آل عمران ٧ ) الرابع عشر هذه الحروف تدل على انقطاع كلام واستئناف كلام آخر قال أحمد بن يحيى بن ثعلب إن العرب إذا استأنفت كلاماً فمن شأنهم أن يأتوا بشيء غير الكلام الذي يريدون استئنافه فيجعلونه تنبيهاً للمخاطبين على قطع الكلام الأول واستئناف الكلام الجديد الخامس عشر روى ابن الجوزي عن ابن عباس أن هذه الحروف ثناء أثنى الله عزّ وجلّ به على نفسه السادس عشر قال الأخفش إن الله تعالى أقسم بالحروف المعجمة لشرفها وفضلها ولأنها مباني كتبه المنزلة بالألسنة المختلفة ومباني أسماء الله الحسنى وصفاته العليا وأصول كلام الأمم بها يتعارفون ويذكرون الله ويوحدونه ثم إنه تعالى اقتصر على ذكر البعض وإن كان المراد هو الكل كما تقول قرأت


الصفحة التالية
Icon