( طه ٥٤ ١٢٨ ) وأيضاً ذم المعرضين فقال وَكَأَيّن مِن ءايَة ٍ فِى السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ( يوسف ١٠٥ ) لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا ( الأعراف ١٧٩ ) وخامسها أنه تعالى ذم التقليد فقال حكاية عن الكفار وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِى قَرْيَة ٍ مّن نَّذِيرٍ ( الزخرف ٢٣ ) وقال بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ ءابَاءنَا ( لقمان ٢١ ) وقال بَلْ وَجَدْنَا ءابَاءنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ( الشعراء ٧٤ ) وقال إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ ءالِهَتِنَا لَوْلاَ أَن صَبْرَنَا عَلَيْهَا ( الفرقان ٤٢ ) وقال عن والد إبراهيم عليه السلام لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لارْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِى مَلِيّاً وكل ذلك يدل على وجوب النظر والاستدلال والتفكر وذم التقليد فمن دعا إلى النظر والاستدلال كان على وفق القرآن ودين الأنبياء ومن دعا إلى التقليد كان على خلاف القرآن وعلى وفاق دين الكفار وأما الأخبار ففيها كثرة ولنذكر منها وجوهاً أحدها ما روى الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال ( جاء من بني فزارة إلى النبي ( ﷺ ) فقال إن امرأتي وضعت غلاماً أسود فقال له هل لك من إبل فقال نعم قال فما ألوانها قال حمر قال فهل فيها من أورق قال نعم قال فأنى ذلك قال عسى أن يكون قد نزعه عرق قال وهذا عسى أن يكون نزعه عرق ) واعلم أن هذا هو التمسك بالإلزام والقياس وثانيها عن أبي هريرة قال قال عليه الصلاة والسلام ( قال الله تعالى كذبني ابن آدم ولم يكن له أن يكذبني وشتمني ابن آدم ولم يكن له أن يشتمني أما تكذيبه إياي فقوله لن يعيدني كما بدأني وليس أول خلقه بأهون على من إعادته وأما شتمه إياي فقوله اتخذ الله ولداً وأنا الله الأَحد الصمد لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفواً أحد ) فانظر كيف احتج الله تعالى في المقام الأول بالقدرة على الابتداء على القدرة على الإعادة وفي المقام الثاني احتج بالأحدية على نفي الجسمية والوالدية والمولودية وثالثها روى عبادة بن الصامت أنه عليه السلام قال ( من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه ) فقالت عائشة يا رسول الله إنا نكره الموت فذاك كراهتنا لقاء الله فقال عليه السلام ( لا ولكن المؤمن أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه والكافر كره لقاء الله فكره الله لقاءه وكل ذلك يدل على أن النظر والفكر في الدلائل مأمور به واعلم أن للخصم مقامات أحدها أن النظر لا يفيد العلم وثانيها أن النظر المفيد للعلم غير مقدور وثالثها أنه لا يجوز الإقدام عليه ورابعها أن الرسول ما أمر به وخامسها أنه بدعة
أما المقام الأول فاحتج الخصم عليه بأمور أحدها أنا إذا تفكرنا وحصل لنا عقيب فكرنا اعتقاد فعلمنا بكون ذلك الاعتقاد علماً إما أن يكون ضرورياً أو نظرياً والأول باطل لأن الإنسان إذا تأمل في اعتقاده في كون ذلك الاعتقاد علماً وفي اعتقاده في أن الواحد نصف الاثنين وأن الشمس مضيئة والنار محرقة وجد الأول أضعف من الثاني وذلك يدل على أن تطرق الضعف إلى الأول والثاني باطل لأن الكلام في ذلك الفكر الثاني كالكلام في الأول فيلزم التسلسل وهو محال


الصفحة التالية
Icon