مختلفين الفرس والروم وهذا الذي قاله الفرس إنما ذكروه لأنهم أرادوا أن يجعلوه من نسل ملوك العجم حتى لا يكون ملك مثله من نسب غير نسب ملوك العجم وهو في الحقيقة كذب وإنما قال الإسكندر لدارا يا أبي على سبيل التواضع وأكرم دارا بذلك الخطاب والقول الثاني قال أبو الريحان الهروي المنجم في كتابه الذي سماه بالآثار الباقية عن القرون الخالية قيل إن ذا القرنين هو أبو كرب شمر بن عبير بن أفريقش الحميري فإنه بلغ ملكه مشارق الأرض ومغاربها وهو الذي افتخر به أحد الشعراء من حمير حيث قال قد كان ذو القرنين قبلي مسلما
ملكاً علا في الأرض غير مفندي
بلغ المشارق والمغارب يبتغي
أسباب ملك من كريم سيد
ثم قال أبو الريحان ويشبه أن يكون هذا القول أقرب لأن الأذواء كانوا من اليمن وهم الذين لا تخلو أساميهم من ذي كذا كذي النادي وذي نواس وذي النون وغير ذلك والقول الثالث أنه كان عبداً صالحاً ملكه الله الأرض وأعطاه العلم والحكمة وألبسه الهيبة وإن كنا لا نعرف أنه من هو ثم ذكروا في تسميته بذي القرنين وجوهاً الأول سأل ابن الكوا علياً رضي الله عنه عن ذي القرنين وقال أملك هو أم نبي فقال لا ملك ولا نبي كان عبداً صالحاً ضرب على قرنه الأيمن في طاعة الله فمات ثم بعثه الله فضرب على قرنه الأيسر فمات فبعثه الله فسمى بذي القرنين وملك ملكه الثاني سمي بذي القرنين لأنه انقرض في وقته قرنان من الناس الثالث قيل كان صفحتاً رأسه من نحاس الرابع كان على رأسه ما يشبه القرنين الخامس ( كان ) لتاجه قرنان السادس عن النبي ( ﷺ ) سمي ذا القرنين لأنه طاف قرني الدنيا يعني شرقها وغربها السابع كان له قرنان أي ضفيرتان الثامن أن الله تعالى سخر له النور والظلمة فإذا سرى يهديه النور من أمامه وتمده الظلمة من ورائه التاسع يجوز أن يلقب بذلك لشجاعته كما يسمى الشجاع كبشاً كأنه ينطح أقرانه العاشر رأى في المنام كأنه صعد الفلك فتعلق بطرفي الشمس وقرنيها وجانبيها فسمي لهذا السبب بذي القرنين الحادي عشر سمي بذلك لأنه دخل النور والظلمة والقول الرابع أن ذا القرنين ملك من الملائكة عن عمر أنه سمع رجلاً يقول يا ذا القرنين فقال اللهم اغفر أما رضيتم أن تسموا بأسماء الأنبياء حتى تسموا بأسماء الملائكة ا فهذا جملة ما قيل في هذا الباب والقول الأول أظهر لأجل الدليل الذي ذكرناه وهو أن مثل هذا الملك العظيم يجب أن يكون معلوم الحال عند أهل الدنيا والذي هو معلوم الحال بهذا الملك العظيم هو الإسكندر فوجب أن يكون المراد بذي القرنين هو هو إلا أن فيه إشكالاً قوياً وهو أنه كان تلميذ أرسططاليس الحكيم وكان على مذهبه فتعظيم الله إياه يوجب الحكم بأن مذهب أرسططاليس حق وصدق وذلك مما لا سبيل إليه والله أعلم
المسألة الثالثة اختلفوا في ذي القرنين هل كان من الأنبياء أم لا منهم من قال إنه كان نبياً واحتجوا عليه بوجوه الأول قوله إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِى الاْرْضِ والأولى حمله على التمكين في الدين والتمكين الكامل في الدين هو النبوة والثاني قوله وَاتَيْنَاهُ مِن كُلّ شَى ْء سَبَباً ومن جملة الأشياء النبوة فمقتضى العموم في


الصفحة التالية
Icon