ذلك في تفسير اسم الله وأما الاسم الواقع عليه بحسب أجزاء ذاته فذلك محال لأنه ليس لذاته شيء من الأجزاء لأن كل مركب ممكن وواجب الوجود لا يكون ممكناً فلا يكون مركباً وأما الاسم الواقع بحسب الصفات الخارجة عن ذاته فالصفات إما أن تكون ثبوتية حقيقية أو ثبوتية إضافية أو سلبية أو ثبوتية مع إضافية أو ثبوتية مع سلبية أو إضافية مع سلبية أو ثبوتية وإضافية وسلبية ولما كانت الإضافات الممكنة غير متناهية وكذا السلوب غير متناهية أمكن أن يكون للباري تعالى أسماء متباينة لا مترادفة غير متناهية فهذا هو التنبيه على المأخذ
البحث الثالث يقال إن لله تعالى أربعة آلاف اسم ألف لا يعلمها إلا الله تعالى وألف لا يعلمها إلا الله والملائكة وألف لا يعلمها إلا الله والملائكة والأنبياء وأما الألف الرابع فإن المؤمنين يعلمونها فلثمائة منها في التوراة وثلثمائة في الإنجيل وثلثمائة في الزبور ومائة في الفرقان تسع وتسعون منها ظاهرة وواحد مكتوم فمن أحصاها دخل الجنة
البحث الرابع الأسماء الواردة في القرآن منها ما ليس بانفراده ثناء ومدحاً كقوله جاعل وفالق وخالق فإذا قيل فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ الَّيْلَ سَكَناً ( الأنعام ٩٦ ) صار مدحاً وأما الاسم الذي يكون مدحاً فمنه ما إذا قرن بغيره صار أبلغ نحو قولنا حي فإذا قيل الحي القيوم أو الحي الذي لا يموت كان أبلغ وأيضاً قولنا بديع فإنك إذا قلت بديع السموات والأرض ازداد المدح ومن هذا الباب ما كان اسم مدح ولكن لا يجوز إفراده كقولك دليل وكاشف فإذا قيل يا دليل المتحيرين ويا كاشف الضر والبلوى جاز ومنه ما يكون اسم مدح مفرداً أو مقروناً كقولنا الرحمن الرحيم
البحث الخامس من الأسماء ما يكون مقارنتها أحسن كقولك الأول الآخر المبدىء المعيد الظاهر الباطن ومثاله قوله تعالى في حكاية قول المسيح إِن تُعَذّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ( المائدة ١١٨ ) وبقية الأبحاث قد تقدمت في تفسير بسم الله الرحمن الرحيم
البحث السادس في النكت ( أولها ) رأى بشر الحافي كاغداً مكتوباً فيه بسم الله الرحمن الرحيم فرفعه وطيبه بالمسك وبلعه فرأى في النوم قائلاً يقول يا بشر طيبت اسمنا فنحن نطيب اسمك في الدنيا والآخرة وثانيها قوله تعالى وَللَّهِ الاسْمَاء الْحُسْنَى ( الأعراف ١٨٠ ) وليس حسن الأسماء لذواتها لأنها ألفاظ وأصوات بل حسنها لحسن معانيها ثم ليس حسن أسماء الله حسناً يتعلق بالصورة والخلقة فإن ذلك محال على من ليس بجسم بل حسن يرجع إلى معنى الإحسان مثلاً اسم الستار والغفار والرحيم إنا كانت حسناء لأنها دالة على معنى الإحسان وروى أن حكيماً ذهب إليه قبيح وحسن والتمسا الوصية فقال للحسن أنت حسن والحسن لا يليق به الفعل القبيح وقال للآخر أنت قبيح والقبيح إذا فعل الفعل القبيح عظم قبحه فنقول إلهنا أسماؤك حسنة وصفاتك حسنة فلا تظهر لنا من تلك الأسماء الحسنة والصفات الحسنة إلا الإحسان إلهنا يكفينا قبح أفعالنا وسيرتنا فلا نضم إليه قبح العقاب ووحشة العذاب وثالثها قوله عليه السلام ( اطلبوا الحوائج عند حسان الوجوه ) إلهنا حسن الوجه عرضى أما حسن الصفات والأسماء فذاتي فلا تردنا عن إحسانك خائبين خاسرين رابعها ذكر أن صياداً كان يصيد السمك فصاد سمكة وكان له ابنة فأخذتها ابنته فطرحتها الماء وقالت إنها ما وقعت في الشبكة إلا لغفلتها إلهنا تلك الصبية رحمت غفلة هاتيك السمكة وكانت تلقيها مرة أخرى في البحر ونحن قد اصطادتنا وسوسة إبليس وأخرجتنا من بحر رحمتك فارحمنا بفضلك وخلصنا منها وألقنا في بحار رحمتك مرة


الصفحة التالية
Icon