ثآليل وقد وقعت فيه حكة لا يملكها وكان يحك بأظفاره حتى سقطت أظفاره ثم حكها بالمسوح الخشنة ثم بالفخار والحجارة ولم يزل يحكها حتى تقطع لحمه وتغير ونتن فأخرجه أهل القرية وجعلوه على كناسة وجعلوا له عريشاً ورفضه الناس كلهم غير امرأته رحمة بنت افرايم بن يوسف عليه السلام فكانت تصلح أموره ثم إن وهبا طول في الحكاية إلى أن قال إن أيوب عليه السلام أقبل على الله تعالى مستغيثاً متضرعاً إليه فقال يا رب لأي شيء خلقتني يا ليتني كنت حيضة ألقتني أمي ويا ليتني كنت عرفت الذنب الذي أذنبته والعمل الذي عملت حتى صرفت وجهك الكريم عني ألم أكن للغريب داراً وللمسكين قراراً ولليتيم ولياً وللأرملة قيماً إلهي أنا عبد ذليل إن أحسنت فالمن لك وإن أسأت فبيدك عقوبتي جعلتني للبلاء غرضاً وللفتنة نصباً وسلطت علي ما لو سلطته على جبل لضعف من حمله إلهي تقطعت أصابعي وتساقطت لهواتي وتناثر شعري وذهب المال وصرت أسأل اللقمة فيطعمني من يمن بها علي ويعيرني بفقري وهلاك أولادي قال الإمام أبو القاسم الأنصاري رحمه الله وفي جملة هذا الكلام ليتك لو كرهتني لم تخلقني ثم قال ولو كان ذلك صحيحاً لاغتنمه إبليس فإن قصده أن يحمله على الشكوى وأن يخرجه عن حلية الصابرين والله تعالى لم يخبر عنه إلا قوله أَنّى مَسَّنِى َ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ثم قال إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نّعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ( ص ٤٤ ) واختلف العلماء في السبب الذي قال لأجله أَنّى مَسَّنِى َ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ وفي مدة بلائه فالرواية الأولى روى ابن شهاب عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله ( ﷺ ) ( إن أيوب عليه السلام بقي في البلاء ثماني عشرة سنة فرفضه القريب والبعيد إلا رجلين من إخوانه كانا يغدوان ويروحان إيه فقال أحدهما للآخر ذات يوم والله لقد أذنب أيوب ذنباً ما أذنبه أحد من العالمين فقال له صاحبه وما ذاك فقال منذ ثماني عشرة سنة لم يرحمه الله تعالى ولم يكشف ما به فلما راحا إلى أيوب لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلك لأيوب عليه السلام فقال أيوب ما أدري ما تقولون غير أن الله تعالى يعلم أني كنت أمر على الرجلين يتنازعان فيذكران الله عز وجل فأرجع إلى بيتي فأكفر عنهما كراهية أن يذكر الله إلا في حق وفي رواية أخرى أن الرجلين لما دخلا عليه وجدا ريحاً فقالا لو كان لأيوب عند الله خير ما بلغ إلى هذه الحالة قال فما شق على أيوب شيء مما ابتلى به أشد مما سمع منهما فقال اللهم إن كنت تعلم أني لم أبت شبعاناً وأنا أعلم بمكان جائع فصدقني فصدقه وهما يسمعان ثم خر أيوب عليه السلام ساجداً ثم قال اللهم إني لا أرفع رأسي حتى تكشف ما بي قال فكشف الله ما به الرواية الثانية قال الحسن رحمه الله مكث أيوب عليه السلام بعد ما ألقى على الكناسة سبع سنين وأشهراً ولم يبق له مال ولا ولد ولا صديق غير امرأته رحمة صبرت معه وكانت تأتيه بالطعام وتحمد الله تعالى مع أيوب وكان أيوب مواظباً على حمد الله تعالى والثناء عليه والصبر على ما ابتلاه فصرخ إبليس صرخة جزعاً من صبر أيوب فاجتمع جنوده من أقطار الأرض وقالوا له ما خبرك قال أعياني هذا العبد الذي سألت الله أن يسلطني عليه وعلى ماله وولده فلم أدع له مالاً ولا ولداً ولم يزدد بذلك إلا صبراً وحمداً لله تعالى ثم سلطت على جسده فتركته ملقى في كناسة وما يقربه إلا امرأته وهو مع ذلك لا يفتر عن الذكر والحمد لله فاستعنت بكم لتعينوني عليه فقالوا له أين مكركا أين عملك الذي أهلكت به من مضى قال بطل ذلك كله في أيوب فأشيروا علي قالوا أدليت آدم حين أخرجته من الجنة من أين أتيته قال من قبل امرأته قالوا


الصفحة التالية
Icon