واحتج هذا القائل بأن قوله لاَ يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الاْكْبَرُ إنما ذكر بعد قوله وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ( البقرة ٢٥ ) فلا بد وأن يكون لأحدهما تعلق بالآخر والفزع الأكبر الذي هو ينافي الخلود هو الموت وثالثها قال سعيد بن جبير هو إطباق النارعلى أهلها فيفزعون لذلك فزعة عظيمة قال القاضي عبد الجبار الأولى في ذلك إنه الفزع من النار عند مشاهدتها لأنه لا فزع أكبر من ذلك فإذا بين تعالى أن ذلك لا يحزنهم فقد صح أن المؤمن آمن من أهوال يوم القيامة وهذا ضعيف لأن عذاب النار على مراتب فعذاب الكفار أشد من عذاب الفساق وإذا كانت مراتب التعذيب بالنار متفاوتة كانت مراتب الفزع منها متفاوتة فلا يلزم من نفي الفزع الأكبر نفي الفزع من النار
الصفة الخامسة قوله وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَئِكَة ُ هَاذَا يَوْمُكُمُ الَّذِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ قال الضحاك هم الحفظة الذين كتبوا أعمالهم وأقوالهم ويقولون لهم مبشرين هَاذَا يَوْمُكُمُ الَّذِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ
يَوْمَ نَطْوِى السَّمَآءَ كَطَى ِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأرض يَرِثُهَا عِبَادِى َ الصَّالِحُونَ إِنَّ فِى هَاذَا لَبَلَاغاً لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَة ً لِّلْعَالَمِينَ
اعلم أن التقدير لا يحزنهم الفزع الأكبر يوم نطوي السماء أو وتتلقاهم الملائكة يوم نطوي السماء وقرىء يوم تطوى السماء على البناء للمفعول والسجل بوزن العتل والسجل بوزن الدلو وروى فيه الكسر وفي السجل قولان أحدهما أنه اسم للطومار الذي يكتب فيه والكتاب أصله المصدر كالبناء ثم يوقع على المكتوب ومن جمع فمعناه للمكتوبات أي لما يكتب فيه من المعاني الكثيرة فيكون معنى طي السجل للكتاب كون السجل ساتراً لتلك الكتابة ومخفياً لها لأن الطي ضد النشر الذي يكشف والمعنى نطوي السماء كما يطوى الطومار الذي يكتب فيه
القول الثاني أنه ليس اسماً للطومار ثم قال ابن عباس رضي الله عنهما السجل اسم ملك يطوي كتب بني آدم إذا رفعت إليه وهو مروي عن علي عليه السلام وروى أبو الجوزاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه إسم كاتب كان لرسول الله ( ﷺ ) وهذا بعيد لأن كتاب رسول الله ( ﷺ ) كانوا معروفين وليس فيهم من سمي بهذا وقال الزجاج هو الرجل بلغة الحبشة وعلى هذه الوجوه فهو على نحو ما يقال كطي زيد الكتاب واللام في للكتاب زائدة كما في قوله ردف لكم وإذا قلنا المراد بالسجل الطومار فالمصدر وهو الطي مضاف إلى المفعول والفاعل محذوف والتقدير كطي الطاوي السجل وهذا الأخير هو قول الأكثرين


الصفحة التالية
Icon