فيه الرجم ونهى المؤمنين عن الرأفة وأمر بشهود الطائفة للتشهير وأوجب كون تلك الطائفة من المؤمنين لأن الفاسق من صلحاء قومه أخجل وثالثها ما روى حذيفة عن النبي ( ﷺ ) أنه قال ( يا معشر الناس اتقوا الزنا فإن فيه ست خصال ثلاث في الدنيا وثلاث في الآخرة أما التي في الدنيا فيذهب البهاء ويورث الفقر وينقص العمر وأما التي في الآخرة فسخط الله سبحانه وتعالى وسوء الحساب وعذاب النار ) وعن عبد الله قال قلت يا رسول الله أي الذنب أعظم عند الله قال ( أن تجعل لله نداً وهو خلقك قلت ثم أي قال وأن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك قلت ثم أي قال وأن تزني بحليلة جارك ) فأنزل الله تعالى تصديقها وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَاهَا ءاخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقّ وَلاَ يَزْنُونَ ( الفرقان ٦٨ ) واعلم أنه يجب البحث في هذه الآية عن أمور أحدها عن ماهية الزنا وثانيها عن أحكام الزنا وثالثها عن الشرائط المعتبرة في كون الزنا موجباً لتلك الأحكام ورابعها عن الطريق الذي به يعرف حصول الزنا وخامسها أن المخاطبين بقوله فَاجْلِدُوهُمْ ( النور ٤ ) من هم وسادسها أن الرجم والجلد المأمور بهما في الزنا كيف يكون حالهما
البحث الأول عن ماهية الزنا قال بعض أصحابنا إنه عبارة عن إيلاج فرج في فرج مشتهى طبعاً محرم قطعاً وفيه مسائل
المسألة الأولى اختلفوا في أن اللواطة هل ينطلق عليها اسم الزنا أم لا فقال قائلون نعم واحتج عليه بالنص والمعنى أما النص فما روى أبو موسى الأشعري رضى الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام قال ( إذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان ) وأما المعنى فهو أن اللواط مثل الزنا صورة ومعنى أما الصورة فلأن الزنا عبارة عن إيلاج فرج في فرج مشتهى طبعاً محرم قطعاً والدبر أيضاً فرج لأن القبل إنما سمى فرجاً لما فيه من الانفراج وهذا المعنى حاصل في الدبر أكثر ما في الباب أن في العرف لا تسمى اللواطة زنا ولكن هذا لا يقدح في أصل اللغة كما يقال هذا طبيب وليس بعالم مع أن الطب علم وأما المعنى فلأن الزنا قضاء للشهوة من محل مشتهى طبعاً على جهة الحرام المحض وهذا موجود في اللواط لأن القبل والدبر يشتهيان لأنهما يشتركان في المعاني التي هي متعلق الشهوة من الحرارة واللين وضيق المدخل ولذلك فإن من يقول بالطبائع لا يفرق بين المحلين وإنما المفرق هو الشرع في التحريم والتحليل فهذا حجة من قال اللواط داخل تحت اسم الزنا وأما الأكثرون من أصحابنا فقد سلموا أن اللواط غير داخل تحت اسم الزنا واحتجوا عليه بوجوه أحدها العرف المشهور من أن هذا لواط وليس بزنا وبالعكس والأصل عدم التغيير وثانيها لو حلف لا يزني فلاط لا يحنث وثالثها أن الصحابة اختلفوا في حكم اللواط وكانوا عالمين باللغة فلو سمي اللواط زناً لأغناهم نص الكتاب في حد الزنا عن الاختلاف والاجتهاد وأما الحديث فهو محمول على الإثم بدليل قوله عليه الصلاة والسلام ( إذا أتت المرأة المرأة فهما زانيتان ) وقال عليه الصلاة والسلام ( اليدان تزنيان والعينان تزنيان ) وأما القياس فبعيد لأن الفرج وإن كان سمى فرجاً لما فيه من الانفراج فلا يجب أن يسمى كل ما فيه انفراج بالفرج وإلا لكان الفم والعين فرجاً وأيضاً فهم سموا النجم نجماً لظهوره ثم ما سموا كل ظاهر نجماً وسموا الجنين جنيناً لاستناره وما سموا كل مستتر جنيناً واعلم أن للشافعي رحمه الله في فعل