وجع ولم أر منه عليه السلام ما عهدته من اللطف الذي كنت أعرف منه حين أشتكى إنما يدخل رسول الله ( ﷺ ) ثم يقول كيف تيكم فذاك الذي يريبني ولا أشعر بعد بما جرى حتى نقهت فخرجت في بعض الليالي مع أم مسطح لمهم لنا ثم أقبلت أنا وأم مسطح قبل بيتي حين فرغنا من شأننا فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت تعس مسطح فأنكرت ذلك وقلت أتسبين رجلاً شهد بدراً فقالت وما بلغك الخبرا فقلت وما هو فقال ( ت ) أشهد أنك من المؤمنات الغافلات ثم أخبرتني بقول أهل الإفك فازددت مرضاً على مرضي فرجعت أبكي ثم دخل على رسول الله ( ﷺ ) وقال كيف تيكم فقلت ائذن لي أن آتي أبوي فأذن لي فجئت أبوي وقلت لأمي يا أمه ماذا يتحدث الناس قالت يا بنية هوني عليك فوالله لقلما كانت امرأة وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا أكثرن عليها ثم قالت ألم تكوني علمت ما قيل حتى الآن فأقبلت أبكي فبكيت تلك الليلة ثم أصبحت أبكي فدخل علي أبي وأنا أبكي فقال لأمي ما يبكيها قالت لم تكن علمت ما قيل فيها حتى الآن فأقبل يبكي ثم قال اسكتي يا بنية ودعا رسول الله ( ﷺ ) علي بن أبي طالب عليه السلام وأسامة بن زيد واستشارهما في فراق أهله فقال أسامة يا رسول الله هم أهلك ولا نعلم إلا خيراً وأما علي فقال لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير وإن تسأل الجارية تصدقك فدعا رسول الله ( ﷺ ) بريرة وسألها عن أمري قالت بريرة يا رسول الله والذي بعثك بالحق إن رأيت عليها أمراً قط أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها حتى تأتي الداجن فتأكله قالت فقام النبي ( ﷺ ) خطيباً على المنبر فقال يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهلي يعني عبدالله بن أبي فوالله ما علمت على أهلي إلا خيراً ولقد ذكروا رجلاً ما علمت عليه إلا خيراً وما كان يدخل على أهلي إلا معي فقام سعد بن معاذ فقال أعذرك يارسول الله منه إن كان من الأوس ضربت عنقه وإن كان من إخواننا من الخزرج فما أمرتنا فعلناه فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج وكان رجلاً صالحاً ولكن أخذته الحمية فقال لسعد بن معاذ كذبت والله لا تقدر على قتله فقام أسيد بن حضير وهو ابن عم سعد بن معاذ وقال كذبت لعمر الله لنقتلنه وإنك لمنافق تجادل عن المنافقين فثار الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا ورسول الله ( ﷺ ) على المنبر فلم يزل يخفضهم حتى سكتوا قالت ومكثت يومي ذلك لا يرقأ لي دمع وأبواي يظنان أن البكاء فالق كبدي فبينا هما جالسان عندي وأنا أبكي إذ دخل علينا رسول الله ( ﷺ ) فسلم ثم جلس قالت ولم يجلس عندي منذ قيل في ما قيل ولقد لبث شهراً لا يوحي الله إليه في شأني شيئاً ثم قال أما بعد يا عائشة فإنه بلغني عنك كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرئك الله تعالى وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فإن العبد إذا تاب تاب الله عليه قالت فما قضى رسول الله ( ﷺ ) مقالته فاض دمعي ثم قلت لأبي أجب عني رسول الله فقال والله ما أدري ما أقول فقلت لأمي أجيبي عني رسول الله فقالت والله لا أدري ما أقول فقلت وأنا جارية حديثة السن ما أقرأ من القرآن كثيراً إني والله لقد عرفت أنكم قد سمعتم بهذا حتى استقر في نفوسكم وصدقتم به فإن قلت لكم إني بريئة لا تصدقوني وإن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني بريئة لتصدقوني والله لا أجد لي ولكم مثلاً إلا كما قال العبد الصالح أبو يوسف ولم أذكر اسمه فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ( يوسف ١٨ ) قالت ثم تحولت واضطجعت على فراشي وأنا والله أعلم أن الله تعالى يبرئني ولكن والله ما كنت أظن أن ينزل في شأني وحياً يتلى فشأني كان أحقر في نفسي من أن يتكلم الله في بأمر يتلى ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله في النوم رؤيا يبرئني الله بها قالت فوالله ما قام رسول الله من مجلسه ولا خرج من أهل البيت


الصفحة التالية
Icon