تدل الآية على حظر النظر إلى وجهها بشهوة إذا كان ذلك أقرب إلى الفتنة
أما قوله سبحانه وتعالى وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ففيه مسائل
المسألة الأولى في التوبة وجهان أحدهما أن تكاليف الله تعالى في كل باب لا يقدر العبد الضعيف على مراعاتها وإن ضبط نفسه واجتهد ولا ينفك من تقصير يقع منه فلذلك وصى المؤمنين جميعاً بالتوبة والاستغفار وتأميل الفلاح إذا تابوا واستغفروا والثاني قال ابن عباس رضي الله عنهما توبوا مما كنتم تفعلونه في الجاهلية لعلكم تسعدون في الدنيا والآخرة فإن قيل قد صحت التوبة بالإسلام والإسلام يجب ما قبله فما معنى هذه التوبة قلنا قال بعض العلماء إن من أذنب ذنباً ثم تاب عنه لزمه كلما ذكره أن يجدد عنه التوبة لأنه يلزمه أن يستمر على ندمه إلى أن يلقى ربه
المسألة الثانية قرىء أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ بضم الهاء ووجهه أنها كانت مفتوحة لوقوعها قبل الألف فلما سقطت الألف لالتقاء الساكينن أتبعت حركتها حركة ما قبلها والله أعلم
المسألة الثالثة تفسير لعل قد تقدم في سورة البقرة في قوله اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِى ْ خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ والله أعلم
الحكم الثامن
ما يتعلق بالنكاح
وَأَنْكِحُواْ الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِن يَكُونُواْ فُقَرَآءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
اعلم أنه تعالى لما أمر من قبل بغض الأبصار وحفظ الفروج بين من بعد أن الذي أمر به إنما هو فيما لا يحل فبين تعالى بعد ذلك طريق الحل فقال وَأَنْكِحُواْ الايَامَى مِنْكُمْ وههنا مسائل
المسألة الأولى قال صاحب الكشاف الأيامى واليتامى أصلهما أيايم ويتايم فقلبا وقال النضر بن شميل الأيم في كلام العرب كل ذكر لا أنثى معه وكل أنثى لا ذكر معها وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما في رواية الضحاك تقول زوجوا أيامكم بعضكم من بعض وقال الشاعر فإن تنكحي انكح وإن تتأيمي
وإن كنت أفتى منكمنوا أتأيم
المسألة الثانية قوله تعالى وَأَنْكِحُواْ الايَامَى ( النور ٣٢ ) أمر وظاهر الأمر للوجوب على ما بيناه مراراً فيدل على أن الولي يجب عليه تزويج مولاته وإذا ثبت هذا وجب أن لا يجوز النكاح إلا بولي إما لأن كل من أوجب ذلك على الولي حكم بأنه لا يصح من المولية وإما لأن المولية لو فعلت ذلك لفوتت على الولي التمكن من أداء هذا الواجب وأنه غير جائز وإما لتطابق هذه الآية مع الحديث وهو قوله عليه الصلاة والسلام ( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ) قال أبو بكر الرازي هذه الآية وإن اقتضت بظاهرها الإيجاب إلا أنه أجمع السلف على أنه لم يرد به الأيجاب ويدل عليه أمور


الصفحة التالية
Icon