فجعلوا الذي لأجله يخرجون أنهم يتطهرون من هذا الصنيع الفاحش وهذا يوجب تنعيمهم وتعظيمهم أولى لكن في المفسرين من قال إنما قالوا ذلك على وجه الهزء ثم بين تعالى أنه نجاه وأهله إلا امرأته وأهلك الباقين وقد تقدم كل ذلك مشروحاً والله أعلم وههنا آخر القصص في هذه السورة والله أعلم
القول في خطاب الله عز وجل مع محمد ( ﷺ )
قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى ءَآللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ
في هذه الآية قولان الأول أنه متعلق بما قبله من القصص والمعنى الحمد لله على إهلاكهم وسلام على عباده الذين اصطفى بأن أرسلهم ونجاهم الثاني أنه مبتدأ فإنه تعالى لما ذكر أحوال الأنبياء عليهم السلام وكان محمد ( ﷺ ) كالمخالف لمن قبله في أمر العذاب لأن عذاب الاستئصال مرتفع عن قومه أمره تعالى بأن يشكر ربه على ما خصه بهذه النعم وبأن يسلم على الأنبياء عليهم السلام الذين صبروا على مشاق الرسالة
فأما قوله اللَّهِ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ فهو تبكيت للمشركين وتهكم بحالهم وذلك أنهم آثروا عبادة الأصنام على عبادة الله تعالى ولا يؤثر عاقل شيئاً على شيء إلا لزيادة خير ومنفعة فقيل لهم هذا الكلام تنبيهاً على نهاية ضلالهم وجهلهم وقرىء يُشْرِكُونَ بالياء والتاء عن رسول الله ( ﷺ ) أنه كان إذا قرأها قال ( بل الله خير وأبقى وأجل وأكرم )
ثم اعلم أنه سبحانه وتعالى تكلم بعد ذلك في عدة فصول
الفصل الأول في الرد على عبدة الأوثان ومدار هذا الفصل على بيان أنه سبحانه وتعالى هو الخالق لأصول النعم وفروعها فكيف تحسن عبادة ما لا منفعة منه ألبتة ثم إنه سبحانه وتعالى ذكر أنواعا
النوع الأول ما يتعلق بالسموات
أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والأرض وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ السَّمَآءِ مَآءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَآئِقَ ذَاتَ بَهْجَة ٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا أَإِلَاهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ
وفيه مسائل
المسألة الأولى قال صاحب ( الكشاف ) الفرق بين أم وأم في أَمَّا يُشْرِكُونَ و أَمَّنْ خَلَقَ أن الأولى متصلة لأن المعنى أيهما خير وهذه منقطعة بمعنى بل والحديقة البستان عليه سور من الإحداق وهو الإحاطة وقيل ذَاتُ لأن المعنى جماعة حدائق ذات بهجة كما يقال النساء ذهبت والبهجة الحسن لأن الناظر يبتهج به مَّعَ الله بَلْ أغيره يقرن به ويجعل شريكاً له وقرىء أَنَّ مَعَ اللَّهِ بمعنى ( تدعون أو تشركون )
المسألة الثانية أنه تعالى بين أنه الذي اختص بأن خلق السموات والأرض وجعل السماء مكاناً للماء والأرض للنبات وذكر أعظم النعم وهي الحدائق ذات البهجة ونبه تعالى على أن هذا الإنبات في الحدائق لا يقدر عليه إلا الله تعالى لأن أحدنا لو قدر عليه لما احتاج إلى غرس ومصابرة على ظهور الثمرة وإذا كان تعالى هو المختص بهذا الإنعام وجب أن يخص بالعبادة ثم قال بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ وقد


الصفحة التالية
Icon