إسرائيل شيعة يقتدون به ويسمعون منه وبلغ في الخوف بحيث ما كان يدخل مدينة فرعون إلا خائفاً فدخلها يوماً على حين غفلة من أهلها ثم الأكثرون على أنه عليه السلام دخلها نصف النهار وقت ما هم قائلون وعن ابن عباس يريد بين المغرب والعشاء والأول أولى لأنه تعالى أضاف الغفلة إلى أهلها وإذا دخل المرء مستتراً لأجل خوف لا تضاف الغفلة إلى القوم القول الثاني قال السدي إن موسى عليه السلام حين كبر كان يركب مراكب فرعون ويلبس مثل ما يلبس ويدعى موسى ابن فرعون فركب يوماً في أثره فأدركه المقيل في موضع فدخلها نصف النهار وقد خلت الطرق فهو قوله عَلَى حِينِ غَفْلَة ٍ القول الثالث قال ابن زيد ليس المراد من قوله عَلَى حِينِ غَفْلَة ٍ مّنْ أَهْلِهَا حصول الغفلة في تلك الساعة بل المراد الغفلة من ذكر موسى وأمره فإن موسى حين كان صغيراً ضرب رأس فرعون بالعصا ونتف لحيته فأراد فرعون قتله فجيء بجمر فأخذه وطرحه في فيه فمنه عقدة لسانه فقال فرعون لا أقتله ولكن أخرجوه عن الدار والبلد فأخرج ولم يدخل عليهم حتى كبر والقوم نسوا ذكره وذلك قوله عَلَى حِينِ غَفْلَة ٍ ولا مطمع في ترجيح بعض هذه الروايات على بعض لأنه ليس في القرآن ما يدل على شيء منها
المسألة الثالثة قال تعالى فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ هَاذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَاذَا مِنْ عَدُوّهِ قال الزجاج قال هذا وهذا وهما غائبان على وجه الحكاية أي وجد فيها رجلين يقتتلان إذا نظر الناظر إليهما قال هذا من شيعته وهذا من عدوه ثم اختلفوا فقال مقاتل الرجلان كانا كافرين إلا أن أحدهما من بني إسرائيل والآخر من القبط واحتج عليه بأن موسى عليه السلام قال له في اليوم الثاني إِنَّكَ لَغَوِى ٌّ مُّبِينٌ ( القصص ١٨ ) والمشهور أن الذي من شيعته كان مسلماً لأنه لا يقال فيمن يخالف الرجل في دينه وطريقه إنه من شيعته وقيل إن القبطي الذي سخر الإسرائيلي كان طباخ فرعون استسخره لحمل الحطب إلى مطبخه وقيل الرجلان المقتتلان أحدهما السامري وهو الذي من شيعته والآخر طباخ فرعون والله أعلم بكيفية الحال فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه أي سأله أن يخلصه منه واستنصره عليه فوكزه موسى عليه السلام الوكز الدفع بأطراف الأصابع وقيل بجمع الكف وقرأ ابن مسعود ( فلكزه موسى ) وقال بعضهم الوكز في الصدر واللكز في الظهر وكان عليه السلام شديد البطش وقال بعض المفسرين فوكزه بعصاه قال المفضل هذا غلط لأنه لا يقال وكزه بالعصا فَقَضَى عَلَيْهِ أي أماته وقتله
المسألة الرابعة احتج بهذه الآية من طعن في عصمة الأنبياء عليه السلام من وجوه أحدها أن ذلك القبطي إما أن يقال إنه كان مستحق القتل أو لم يكن كذلك فإن كان الأول فلم قال هَاذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ولم قال رَبّ إِنّى ظَلَمْتُ نَفْسِى فَاغْفِرْ لِى فَغَفَرَ لَهُ ولم قال في سورة أخرى فَعَلْتُهَا إِذاً وَأَنَاْ مِنَ الضَّالّينَ ( الشعراء ٢٠ ) وإن كان الثاني وهو أن ذلك القبطي لم يكن مستحق القتل كان قتله معصية وذنباً وثانيها أن قوله وَهَاذَا مِنْ عَدُوّهِ يدل على أنه كان كافراً حربياً فكان دمه مباحاً فلم استغفر عنه والاستغفار عن الفعل المباح غير جائز لأنه يوهم في المباح كونه حراماً وثالثها أن الوكز لا يقصد به القتل ظاهراً فكان ذلك القتل قتل خطأ فلم استغفر منه والجواب عن الأول لم لا يجوز أن يقال إنه كان لكفره مباح الدم
أما قوله هَاذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ففيه وجوه أحدها لعل الله تعالى وإن أباح قتل الكافر إلا أنه قال


الصفحة التالية
Icon