بنعمتك علي وثالثها قال الكسائي والفراء إنه خبر ومعناه الدعاء كأنه قال فلا تجعلني ظهيراً قال الفراء وفي حرف عبدالله فَلاَ تَجْعَلْنِى ظَهِيرًا واعلم أن في الآية دلالة على أنه لا يجوز معاونة الظلمة والفسقة وقال ابن عباس لم يستثن ولم يقل فلن أكون ظهيراً إن شاء الله فابتلي به في اليوم الثاني وهذا ضعيف لأنه في اليوم الثاني ترك الإعانة وإنما خاف منه ذلك العدو فقال إِن تُرِيدُ إِلاَّ أَن تَكُونَ جَبَّاراً فِى الاْرْضِ ( القصص ١٩ ) لا أنه وقع منه
فَأَصْبَحَ فِى الْمَدِينَة ِ خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِى اسْتَنْصَرَهُ بِالاٌّ مْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِى ٌّ مُّبِينٌ فَلَمَّآ أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِى هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يامُوسَى أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِى كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِالاٌّ مْسِ إِن تُرِيدُ إِلاَّ أَن تَكُونَ جَبَّاراً فِى الأرض وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ وَجَآءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَة ِ يَسْعَى قَالَ يامُوسَى إِنَّ الْمَلاّ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّى لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ فَخَرَجَ مِنْهَا خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِى مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
اعلم أن عند موت ذلك الرجل من الوكز أصبح موسى عليه السلام من غد ذلك اليوم خائفاً من أن يظهر أنه هو القاتل فيطلب به وخرج على استتار فَإِذَا الَّذِى اسْتَنْصَرَهُ وهو الإسرائيلي بِالاْمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ يطلب نصرته بصياح وصراخ قال له موسى إِنَّكَ لَغَوِى ٌّ مُّبِينٌ قال أهل اللغة الغوي يجوز أن يكون فعيلاً بمعنى مفعل أي إنك لمغو لقومي فإني وقعت بالأمس فيما وقعت فيه بسببك ويجوز أن يكون بمعنى الغاوي واحتج به من قدح في عصمة الأنبياء عليهم السلام فقال كيف يجوز لموسى عليه السلام أن يقول لرجل من شيعته يستصرخه إِنَّكَ لَغَوِى ٌّ مُّبِينٌ الجواب من وجهين الأول أن قوم موسى عليه السلام كانوا غلاظاً جفاة ألا ترى إلى قولهم بعد مشاهدة الآيات اجْعَلْ لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ ءالِهَة ٌ ( الأعراف ١٣٨ ) فالمراد بالغوي المبين ذلك الثاني أنه عليه السلام إنما سماه غوياً لأن من تكثر منه المخاصمة على وجه يتعذر عليه دفع خصمه عما يرومه من ضرره يكون خلاف طريقة الرشد واختلفوا في قوله تعال قَالَ يَاءادَمُ مُوسَى أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِى كَمَا قَتَلْتَ أهو من كلام الإسرائيلي أو القبطي فقال بعضهم لما خاطب موسى الإسرائيلي بأنه غوي ورآه على غضب ظن لما هم بالبطش أنه يريده فقال هذا القول وزعموا أنه لم يعرف قتله بالأمس للرجل إلا هو وصار ذلك سبباً لظهور القتل ومزيد الخوف وقال آخرون بل هو قول القبطي وقد كان عرف القصة من الإسرائيلي والظاهر هذا الوجه لأنه تعالى قال فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ يَبْطِشَ بِالَّذِى هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يامُوسَى مُوسَى


الصفحة التالية
Icon